منوعات

يسر النوالي تكتب لـ«مصر الساعة»: التذوق الثقافي للطفل

اسمحوا لنا أن نعود بالذاكرة قليلا إلى الوراء، إلى زمن الفقر والحرمان و قلة ذات اليد و شح الموارد، ويوم كانت الكثير من الأسر تنام وبطون أطفالها خالية من أي زاد، ومع هذا لم نكن نسمع شيئا عن ظواهر التشرد وعمالة الأطفال وأطفال الشوارع وغيرها من الظواهر التي يعاني منها أطفالنا اليوم.

وأظنكم تتساءلون كما نتساءل : لماذا هذا حال الغالبية العظمى من أطفالنا بؤس وشقاء وتشرد على الرغم من كل ما حصل من تطورات فكرية وتكنولوجية وحضارية؟
هذا يبين أننا إذا أردنا أن نغير حياتنا ونصحح أوضاعنا فعلينا أن نبدأ من الطفل فكلما إزداد محصول الطفل الثقافي والفكري بوجه عام تصبح شخصيته أكثر إنفتاحا على المجتمع الذي يحيط به وتنمو داخله مشاعر الألفة والثقة بالنفس، أما قلتها فتحد من حصيلته الفكرية وقدرته على التواصل مع الآخرين ونؤكد على أن الطفل المعاصر يعاني نوعا من الإغتراب المبكر، فبدلا من أن يقوم بتقليد الكبار كما كان يحدث قديما أصبح الآن يميل أكثر لتقليد أجهزة الإعلام التي نتركه أمامها لساعات طوال، لذا فهو يندفع لترديد وحفظ الأشياء التي يسمعنا دون وعي بمضمونها.

وهذه العملية لا تقوده إلى التفكير الواعي بقدر ما تحدث نوعا من التشوش في إستخدام اللغة، وعندها يقع الأطفال فريسة لغة لا تحمل مضمونا ثقافيا أو فكريا لديهم وتتأثر الحصيلة اللغوية، الأمر الذي يترك كثيرا من الآثار السلبية في الطفل منها عزلته الإجتماعية، الشعور بالنقص، العجز عن الفهم والإستعاب و ضعف الإبداع…

فمن حق الطفل التمتع بالهوية الثقافية والإرتباط بالتراث خاصة في ما يتعلق بضرورة المحافظة على حقه في إمتلاك حياة ثقافية خاصة وهنا نشير إلى موضوع الثقافة والهوية، إذ يستحيل تحقيق التنمية ما لم تكن الهوية الثقافية مرتكزها ومنبعها، فلا بد من ضرورة العمل على تمكين الطفل منذ أيامه الأولى من إمتلاك لغته الأم والتأكيد على أهمية إستثمار مختلف الوسائط في الوصول إلى الطفل، وأيضا التأكيد على حق كل طفل في التربية الجمالية لصقل ملكاته بحيث يعينه على المعرفة والإطلاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى