منوعات

يسر النوالي تكتب لـ«مصر الساعة»: حبهم الأول..الأجمل والأخطر

نتحدث كثيرا عن الحب في زمن المراهقة لكن معظمنا ليس لديه تقدير حقيقي لخطورة هذا الحب فكثيرا ما نتكلم عنه مقللين من شأنه مرددين عبارة “مشاعر مراهقة” وكأنها شيء عابر وبلا وزن أو قيمة بينما هي لدى المراهق مسألة كبرى في وجوده والإستخفاف بها أو التقليل من شأنها يمثل إهانة جارحة.

وعن هذا الحب يقول عالم النفس العربي الكبير الدكتور فاخر عقل ” من الواضح أن هذا الحب يختلف عن حب الوالدين او الإخوة أو الأخوات أو الأصدقاء، إن له صفات خاصة تجعله مختلفا حتى عن حبنا في السنوات التالية وهو في كثير من الصفات أجمل أنواع الحب وأكثرها غيرية إذ إنه في الواقع نوع من أنواع التقديس وهو إلى حد بعيد غير أناني وتبجيلي ويضفي المحب المراهق على محبوبه كل فضيلة ونعت محبب ويكون المحبوب أروع المخلوقات التي وجدت والتي يمكن أن توجد، برغم أن هذا المحبوب قد يكون مجرد طيف من التوهم والحسابات الجامحة وغير الواقعية وغالبا ما يغرق المراهق في حلم يقظة يكون فيه المحبوب في خطر عظيم فيقفز المحب لإنقاذه وهذه الصورة للخيال الشارد ليست بعيدة أبدا عن إمكان الحدوث الفعلي.

وهنا يجب أن ننتبه ونحترم هذا التهور الصادق حتى وإن كان ليس موضوعيا. لا ينبغي أن نسخفه أو نقلل من شأنه فهذا يرتد على مراهقنا وعلينا بأوخم العواقب فإما العصيان وإما الإذعان وكلاهما مدمر للنفسية المستجدة للمراهق فالإحباط في هذا الجانب يمكن أن يؤدي إلى جنوح لا تحمد عقباه تتلقفه عصابات التطرف أو يتصيده مروجو المخدرات أو يحيط به ثعالب شتى الإنحرافات التي يزخر بها عالمنا المفتوح على كل الأخطار ،
إن حب المراهق مرهف شديد الإرهاف ويتطلب أن نتعامل معه بفهم عميق ورحمة صادقة على الأقل من زاوية مقارنة الصدق والغيرية الهائلتين لهذا الحب مع أشكال الحب الأكثر نضجا في ما بعد ذلك أنه بينما يكون المراهقون مستعدين لإفتداء محبوبهم بحياتهم إذا تعرض للخطر فإن الراشدين يأملون في ألا يتعرض محبوبهم لأي خطر أصلا، فثمة دور حيوي ومهم يلعبه هذا العطاء الحبي في النمو السوي للمراهق بإتجاه الراشد المعطاء والشجاع والمبادر بالمروءة والهمة وهذا الإجتياز وذاك العبور ممكنان عندما نحب أولادنا بعمق أبعد عن الشعور بإمتلاكنا لهم وأبعد من أنانيتنا التي تقاوم لا شعوريا تمردهم على تشبثنا بهم كلعب صغيرة جميلة نتمكن منها ونسيطر عليها فهم في هذه السن يكونون لو أمعنا البصر والبصيرة مخلوقات جميلة قطعا، مخلوقات بديعة تكبر وترتفع بغنى العاطفة ورحابة الحلم إلى ذرى من الجمال الذي لا يتكرر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى