منوعات

عطاء بن أبي رباح فقيه أهل مكة 

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، قيل أن ريحانة العابدين زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله وهو من أكابر التابعين، كان في مجلسه وعنده أصحابه من العلماء والأشراف والوجهاء وجميع طبقات المجتمع في مجلس حافل لأنه رجل عالم وهو أبو الفقراء، يصدع للناس في نوائبهم، فكان جالسا وكان بينه وبين بن عم له وهو حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب شيء مما يكون بين الناس، فلم يتمالك حسن بن حسن نفسه، وخرج عن طوره، وجاء يبحث عن زين العابدين، فوجده جالسا مع أصحابه في المسجد، فجاء إليه وما ترك شيئا إلا قاله في حقه من الشتم وقبيح القول.

وعلي بن الحسين ساكت لا يرد بشيء، فلما تشفى منه إنصرف، ثم ذهب علي بن الحسين بعد أن أكمل مجلسه إلى بيته، فلما كان الليل ذهب زين العابدين إلى بيت حسن بن حسن، وفي مثل هذه المواقف المتوقع أنه يخفي تحت ثيابه ما يؤدبه به، لكنه لم يفعل شيئا من ذلك، بل جاء إلى بيته، وطرق عليه الباب، فلما خرج حسن بن حسن قال له يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك، السلام عليكم، وتركه، فهشمت هذه الكلمات العداوة المستحكمة في نفس حسن بن حسن، ولم يتمالك مشاعره، فتحولت مشاعر العداوة والبغض والكراهية والغضب إلى مشاعر أخرى معاكسة، فجعل يتبعه ويجري خلفه، والتزمه من خلفه، وجعل يبكي حتى رثي له، ثم قال لا جرم لا عدت في أمر تكرهه، فقال له علي بن الحسين وأنت في حل مما قلت لي.

وقيل أنه جلس عبد الله بن سعود رضي الله عنه في السوق يبتاع طعاما فإبتاع ثم طلب الدراهم وكانت في عمامته فوجدها قد سرقت فقال لقد جلست وإنها لمعي فجعلوا يدعون على من أخذها ويقولون اللهم اقطع يد من سرقها فقال عبدالله اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها وإن كان حمله على ذلك الجراءة على الذنب فاجعلها أخر ذنوبه، وهذا هو عطاء ابن أبي رباح رضي الله عنه، قيل أنه كان في المسجد الحرام رجل جاء للحج فنام في المسجد فكشفت الريح الثوب عن بطنه فظهر الحزام الذي شده على بطنه وفيه نقوده فمر به أصحابه فخافوا عليه فنزعوها عنه، فإنتبه الرجل فنظر فإذا منطقته وهو الحزام الذي به نقوده، قد حلت فنظر يمينا وشمالا فلم يري إلا عطاء بن أبي رباح قائما يصلي فسار إليه فأخذ بتلابيبه وضيق عليه.

وقال له يا عدو الله فعلت الذي فعلت بي ثم قمت تصلي فقال له ما بالك يا هذا قال منطقتي حللتها وأخذت مابها من نقود وأغلظ له القول، قال له عطاء وكم فيها ؟ قال مائتا دينار قال له فسمع بهذا غيرك ؟قال لا، قال فاذهب معي حتى أعطيك ما ذهب لك، قال فذهب فعد له مائتي دينار، فذهب الرجل إلى أصحابه فأخبرهم الخبر فقالوا له ظلمت والله الرجل، كان من قصتنا كذا وكذا، ثم حللناها عنك خوفا عليها، وهاهي هذه، فقاموا إلى عطاء حتى وقفوا عليه فسألوا عنه فقيل لهم هو عطاء بن أبي رباح فقيه أهل مكة وسيدهم، فإعتذروا إليه وسألوه أن يجعله في حل ويقبل الدنانير، فقال لهم هيهات ما كانت بالتي ترجع إلي، إذهب فأنت في حل وهي لك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى