اخبار عالمية

الانحدار السريع لإمارات الشر والميليشات المارقة: قرب نهاية الحرب السودانية تلوح في الأفق 

الحصار الكامل و الهزائم المتتابعة :الدعم السريع مهزومًا

كتب: مصطفى نصار 
تطورت الحرب السودانية بوتيرة متزايدة أحرزت فيه قوات الجيش السوداني  انتصارات عظيمة و محققة ، ممتدة من محافظة ود مدني ، حتى شرق ووسط الخرطوم التي دكت فيها قوات الدعم السريع  مما أدى للتراجع الملحوظ لهم حتى منطقة دارفور ، مع اختفاء لحظي لقائد الدعم السريع حميدتي و اتهامات منه للجيش السوداني بالغدر و الخيانة الكبرى ، للغرض الرئاسي و الأهم ألا و هو السعي للاستحواذ على السلطة ، دون تقديم أي أدلة أو نوايا لابداء الصلح مع قوات الجيش السوداني.
 
من الجدير بالملاحظة كذلك سيطرة الجيش منذ الشهر الماضي على مدينة ود مدني الساحلية التي تعد نقطة تحول تاريخية في الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع و الجيش السوداني ، مما أسقط رهان قوات الدعم السريع القائم على الدعم الأجنبي من قوات أجنبية و أظهر هشاشة تنظيمه الميليشاوي ، و العسكري فضلًا عن اعتماده الأساسي على المذابح و الانتهاكات الجسيمة و الخطيرة و الاغتصاب ، مما أعاد الحرب مجددًا لدفة الجيش السوداني بحق بعد أن ظن داعمو الدعم السريع أنه تمكنوا من السيطرة التامة و تكوين حكومة مدينة لإكمال سينايور فصل السودان لدولتين شرقًا و غربًا ، و لعل هذا ما جعل الصحفي المخضرم أوسكار ريكيت يتفق مع الباحث أحمد مولانا في أن السيطرة على ود مدني “قلب موازيين الحرب لصالح الفئة التي تستخدم الخطط في صالحها “، و كانت ممهدًا لعدة مؤتمرات محلية و أجنبية تمت على مدار الشهرين الماضيين للملمة الأوراق المبعثرة منها .
 
علاوة على ذلك، فإن قصة ود مدني من القصص الدالة على فشل الدعم السريع على المستوين السياسي الداخلي و الخارجي كذلك ، لاعتمادها الأساسي على دعم القبائل المفقود التي حاولت على مدار تسع شهور تقربيًا حتى وصلت الأمر من أهالي المدينة الساحلية طلب تسليحهم في البداية لكن الجيش رفض لأسباب أمنية .
 
و في سياق متصل ، كثفت الأهالي مواجهتها للقوات المارقة في ود مدني ، مسهلة بذلك دخول قوات الجيش السوداني و مختصرة عليهم مواجهات صعبة و شرسة قد تواجهها القوات ، مما يعكس عدم قدرة الدعم السريع على إحكام الحصار الذي طالما ادعوا قدرتهم على فرض الأمن مضعفين بذلك قوتهم القتالية ، و تركوا شحن أسلحة كثيرة استولى عليها الجيش السوداني، متراجعًا كذلك لمناطق بعيدة عن التمركز المحكم للسودان إستراتيجيًا مثل دارفور و بورسودان و الجزيرة التي انقلب عليهم قائد فصائلها منذ قرابة شهرين مسببًا حالة من الإرباك و الانشقاق الضخم ، متممين انتصارًا باهرًا .
 
متزامنًا مع آخر تطورات الحرب ، فإن حصار الدعم السريع بات مسألة وقت حتى شعرت الإمارات بضعفها الواضح ، و طالبت بالهدنة في شهر رمضان بسبب حرمته و مكانته الروحية  ، لكن الجيش رفض على لسان عبد الفتاح البرهان في  مؤتمر محلي يناقش فيه آخر مستجدات تقدمهم و تطورات الحرب ، رافضًا فيه مشاركة الإمارات باعتبارها وسيط ، او شريكًا أو عاقدًا للهدنة لما لها من اتهامات بارتكاب و دعم جرائم حرب و ضد الإنسانية، متزامنًا مع رغبة أمريكية أوربية لإنهاء الحرب ، و بذلك تنتهي قصة من أشد قصصًا دموية و بؤسًا في تاريخ السودان الحديث في وسط دولة “شديدة التعقد “في كتاب السودان للمفكر حاج محمد صالح .
 
 
سقوط الأجندة الإماراتية في السودان : نحو كشف الدور القذر لها في الإبادة السودانية.
 
لا جدال أن الإمارات مارست أدوار قذرة عديدة في السودان بدء من دعم قوات الدعم السريع بالعداد الكثير و المال الوفير لارتكاب أكبر مأساة محققة منذ أكثر من نصف قرن ، مستهدفين تحقيق السيطرة الكاملة على مناجم الذهب في جبل عامر و توسيع نفوذها السياسي، بالإضافة لتحويل السودان لإمارة للضغط على مصر في أزمة سد النهضة ، فضلًا عن دعم الميليشات في اليمن لدعم الحكومة الجنوبية بقيادة عبدربه صالح ، و لعل هذا ما جذب روسيا لدعمها كذلك .
 
زجت الإمارات بالمرتزقة الكولومبين ، و الأرجتنينين للانضمام لقوات الدعم السريع لمدة ١٨ شهر و ارتبكت مجازر تسببت في أكبر مجاعة في السودان، فضلًا عن موجات نزوح كثيفة بلغت الملايين من السودانيين، بما فيهم ٣ مليون في أوغندا ، و مليون و نصف في القاهرة . أما فيما يتعلق بأزمة الجوع ، فقد تكررت تقارير و تصريحات منظمة الصحة و الغذاء العالمية التي وصفت المجاعة بأنها أضخم مجاعة حدثت في القرن الإفريقي منذ القرن العشرين ، متضمنة التحويل لأكل الجراد و أوراق الشجر ، مما قد يشكل قنبلة موقوتة بشكل مميت و مدمر للهيكل الاجتماعي و للنظام الدولي كافي بسبب هدم الأساس الداعم لخرافة “المتمليء المشبع “و حملات القضاء على الجوع بحسب الكاتبة البريطانية نسرين مالك في جريدة الغارديان .
 
و تتشابه ملاحظة مالك مع ملاحظة الخبير و المحلل السياسي جون بيرجودو في دراسة مطولة مفادها أن الإمارات دفعت قرابة ٦٥ مليار دولار بصفتها تكلفة “إنفاق إبتدائي”، لتحقق لها الأهداف سالفة الذكر .
 
حاولت كذلك بعدة طرق قذرة دحر جهود الجيش السوداني، منها طلب فتح الطيران الجوي و طلب من الجيش بتقاسم السلطة ، و محاولة الزج بأثيوبيا لدعم الميليشات هناك سياسيًا، و دعمها الدبلوماسي الذي وصل للدفاع عنها في أروقة المنظمات الدولية و المحلية الحقوقية .
 
 
و قد تدمرت السودان نتيجة الدعم الإماراتي دمارًا مهولًا ، فضلًا عن تغيير المصالح الحكومة للجيش السوداني الذي اتجه لإيران في استيراد الأسلحة الخاصة به بريًا و جويًا بعقده صفقتين كبار على مدار نصف عام من طائرات بيدقدار ٦ ، مما أدى لشطب أو تشويه الإمارات باعتبارها دولة حليفة للسودان بخلاف ما حدث مع عبد الرحمن سوار الذهب عقب انقلابه الأبيض مما دفع الصحفي في جريدة تليجراف البريطانية مايكل لوند بكتابة تقرير موسع عن الآثار المدنية و الانتهاكات الأخيرة الحادثة على مدار شهرين فقط لا غير ، توج بهذا التقرير الأرقام الإحصائيات النهائية لعدد المصابين و الشهداء نتيجة الجوع و ضربات الدعم السريع.
 
فصورة مختصرة عن الإحصائيات، تخطي عدد الشهداء و القتلى ٤٥ ألف ، مع ١٥٥ ألف مصاب و ١٠ ملايين نازح و ١٥ مليون طفل مصاب بالأنيما الغذائية ، و نصفهم على الأقل معرض للموت ، مع انقطاع كامل للخدمات الأساسية و دمار لا رجعة بعده للبنية التحتية بتكلفة تقارب تكلفة إعادة إعمار غزة بشكل مقارب لها تبلغ ١٦٥ مليار دولار مكونة بذلك خرابة محطمة تحتاج لإعادة إعمار كامل من الصفر ، بل لن يكون من سبيل المبالغة القول بأن هناك دولة ذهبت أدراج الرياح ، بمختلف أشكال الدمار الشامل على مدار عامين تقربيًا مشكلة أزمة عالمية .
 
في المقابل ، سقطت الأجندة الإماراتية في وحل الحرب الأهلية في السودان ظنًا منها بعجرفة متناميا ، و غرور ضخم تحقيقها لأغراض عديدة لكنها فوجئت بعكس ما أرادت ، إذ اتهمت بارتكاب جرائم حرب ، و إسقاط الثورة السودانية على غرار الربيع العربي كله مع تورطها الصارخ في دعم الثورات المضادة لتشكيل  الشرق الأوسط الجديد بصورة تشبه اليونان القديمة التي هيمنت بالدسائس و المكائد حتى انهارت نتيجة نفس الدسائس الخبيثة التي ظنت أنها منيعة ضدها ، خصوصًا بعد الاتفاق الغربي الأمريكي على وجوب إنهاء الحرب الاهلية للسودان لوجود ملفات أكثر و أعقد مثل العلاقة مع ترامب و مستقبل غزة .
 
تصعيد واسع ، و انحدار مدوي ..دفتي الحرب التي تزلزل السودان
 
تتسم الحروب عادة بالتقلب المموج ، و الاضطرابات المفاجئة منذ الحرب العالمية الأولى و الثانية بحق و إنصاف ، عاكسًا الطبيعية البشرية المختلة الشريرة بشكل شبه كلي و شامل حتى قال عنها عالم الاجتماع جان غيتون في كتاب الحرب و الفكر أن الحرب جذرية في التاريخ البشري نقلًا عن ليدل هارت الجنرال الإنجليزي و المنظر الاستراتيجي،  فالسودان بهذه الصورة المبسطة نموذج للدول الطبيعية و المنطقية التي تشكل الحرب وفقًا أهوائها السياسة و أجندتها الاستراتيجية ، كذلك التعريفات الأساسية للوطن و المواطنة و القيم الأساسية المحركة لحاضرها و مستقبلها .
 
تحدد الحرب كذلك دفة الدول ،مثلما حدث مع السودان في خمسينات و سبعينات القرن الماضي مع جعفر النميراني ، و ٣ مرات من حيث نشبت حرب أهلية منخفضة الوتيرة من دون القتل و الدمار الحالي ، فتحديد مصير الحرب يبني على عدة ركائز أساسية ، متضمنة قوة و شمولية و تكافل المحارب فإما أن تترك لتصعيد كبير و اتساع أو انحدار وصولًا لنهاية الحرب في أمل واسع لإنهاء ‘”وحشية منظمة “كما يسميها سنشيا ماليزانيتش عالم الاجتماع الإيرلندي .

و حتى مع العودة لأغامبين في كتابه الحرب الأهلية،  فمن الاستثنائي و الشاذ حدوث حرب أهلية لمجتمع عضوي إلا لتضارب المصالح بين الحاكمين و تمكين فئة دون الأخرى فقط من أجل أدوار معينة ، فتحقق نبوءة هوبز التي أكدها بالحرب اللانهائية باختلافات جزئية، و ما يمنعها غير اتحاد ضد المصالح أو فناء المبيد أو انتصار صاحب الحق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى