فن وثقافة

هل كان اغتيال فارس الرومانسية يوسف السباعي بمثابة رسالة تهديد للرئيس السادات

هل كان اغتيال فارس الرومانسية يوسف السباعي بمثابة رسالة تهديد للرئيس السادات

كتبت/ سحر عبد الفتاح
قرر الرئيس الراحل محمد أنور السادات في عام ١٩٧٧ الذهاب لزيارة القدس واطلاق خطابه الشهير للكنيست إسرائيل وصاحبه أثناء زيارته للقدس الكاتب المصري يوسف السباعي، تلك الزيارة التي كانت مسمارا في نعش السباعي، وربما كانت هي السبب وراء اغتيال السادات أيضا فيما بعد، حيث قاطعت وقتها الدول العربية مصر، وأثارت الزيارة عدم رضا المجموعات الفلسطينيه علي نحو خاص لانهم اعتبروا تلك الزيارة بمثابة تطبيع مصر مع إسرائيل ..
وفي ١٨ فبراير عام ١٩٧٨ كان السباعي يشغل منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الافرو اسيوي، وكان وقتها يعقد مؤتمر الأفرو اسيوي السادس في قبرص الذي عقدته المنظمة في مدينة نيقوسيا القبرصية، وكان السباعي يحضر المؤتمر بحكم منصبه، قبل انعقاد المؤتمر ذهب السباعي كعادته يتصفح عناوين الجرائد والمجلات والكتب، الا انه كان مستهدف ويحتل رأس قائمة الأسماء المزمع اغتيالهم وهم جميع من كانوا مع السادات في زيارته للقدس، حيث تم إطلاق الرصاص عليه فأصابته ثلاث رصاصات غادرات في الرأس فسقط قتيلا..
توجهت أصابع الاتهام الي جماعة ابو نضال الفلسطينية ومؤسسها صبري البنا الشهير بأبو نضال، وتم الحكم بالإعدام علي المتهمين ، ولكن من الغرابة انه تم تخفيف الحكم عليهم ليكون الحكم بالسجن مدي الحياة.. ثم تم الافراج عنهم فيما بعد.. وفي رواية أخري أن الجناة هربوا .. وأخيرا الاتهامات توجهت لقبرص بأن هي من هربتهم خوفا من اعتداء أطراف متطرفة عليها، ذلك وفق أرشيف الصحافة في تلك الفترة الزمنية، ملابسات الجريمة تؤكد أن الجريمة كانت مدبرة ومرتب لها من قبل، الأمر الذي يؤكد أن الحادث كان بمثابة رسالة قاسية جدا للرئيس محمد أنور السادات، فلم يمر عدة أشهر علي حادث اغتيال السباعي، لتتحقق واقعة اغتيال السادات أثناء العرض العسكري في السادس من أكتوبر عام ١٩٨١..
عندما علم السادات باغتيال السباعي في قبرص غضب وأرسل طائرة مصرية تضم جنود مصريين مسلحين من كتيبة الصاعقة الجوية، واجهت الطائرة المصرية عراك مع الحرس القبرصي في مطار لارنكا القبرصي فور وصولها، الأمر الذي أدى الي قتل خمسة عشر جندي أو ستة عشر جندي وتدمير الطائرة المصرية ، وإصابة ٨٠ فردا من الجانبين..
تدخل السفير بطرس غالي وزير الدولة للشؤون الخارجية للتفاوض مع الجانب القبرصي في سبيل الوصول لحل الأزمة الدبلوماسية واستلام القتلي والضحايا والجنود المصريين ، تفاوض غالي مع رئيس قبرص “كبريانو” وقتها في سبيل الحفاظ علي العلاقات بين البلدين، لكن الجانب القبرصي كان متشددا واشترط تسليم الجنود دون أسلحتهم، رفضت مصر طلب “كبريانو”، حيث أن تسليم الجندي دون سلاحه يعد هزيمة واستسلام وإهانة، بعد عودة جثث الجنود المصريين والسباعي الي مصر، قطع السادات العلاقات الدبلوماسية مع قبرص وأغلق سفارتها في مصر..
كان السباعي ظابط وفارس تخرج في الكلية الحربية عام ١٩٣٧. تولّى العديد من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية. في عام ١٩٤٠ عمل بالتدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان، ومديراً للمتحف الحربي عام ١٩٤٩، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد، نصب وزيرا للثقافة في ١٩٧٣، وانتخب نقيبا للصحفيين عام ١٩٧٧، وكان رئيس تحرير جريدة الأهرام..
كتب السباعي العديد من الروايات التي تحولت الي أفلام سينمائية شهيرة مثل “رد قلبي، الأطلال، نحن لا نزرع الشوك، العمر لحظة”.. أرض النفاق ،شارع الحب، واذكريني. ومن المسرحيات قدم: أقوى من الزمن وأم رتيبة. ومن القصص نذكر: بين أبو الريش وجنينة ناميش، يا أمة ضحكت، الشيخ زعرب، وأخرى. السقا مات.. اني راحلة”.
قال عنه نجيب محفوظ انه «جبرتي العصر» لأنه سجل بكتاباته الأدبية أحداث الثورة منذ قيامها حتى بشائر النصر في حرب أكتوبر ، ومن أعماله: ” رد قلبي، جفت الدموع، ليل له آخر، أقوى من الزمن، والعمر لحظة”.
قال عنه د. محمد مندور لرواية «السقا مات» يوسف السباعي أديب من أدباء الحياة بل من أدباء السوق التي تعج بالحياة والأحياء وتزدحم بالأشخاص والمهن.
كانت أعماله الأعلى توزيعاً، فضلاً عن تحويلها مباشرة إلى أفلام يصفها نقاد بأنها أكثر أهمية من الروايات نفسها.
قال مرسي سعد الدين في مقدمة كتاب «يوسف السباعي فارس الرومانسية» إنه لم يكن مجرد كاتب رومانسي بل كانت له رؤية سياسية واجتماعية في رصده لأحداث مصر.
حصل السباعي على عدد من التكريمات والجوائز منها: جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وسام الاستحقاق الإيطالي من طبقة فارس، جائزة لينين للسلام في عام ١٩٧٠، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من جمهورية مصر العربية. وفي عام ١٩٧٦ فاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي «رد قلبي» و«جميلة الجزائرية» وأحسن حوار لفيلم رد قلبي وأحسن سيناريو لفيلم «الليلة الأخيرة».
تناول مسلسل “فارس الرومانسية” السيرة الذاتية للأديب الكبير الراحل يوسف السباعي منذ طفولته مرورًا بشبابه ودراسته في الكلية الحربية، وقربه من الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر ثم توليه وزارة الثقافة والإعلام، وعلاقته بالرئيس السادات، المسلسل من بطولة الفنان “محمد رياض، وتأليف أميرة أبو الفتوح، وإخراج صفوت القشيري”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى