منوعات

د. أيمن صابر سعيد يكتب: إمام القراءة والإقراء في الكوفة

 

هو الإمام الخامس في القراءات السبع أو العشر، وأحد أئمة القراء الكوفيين، وعليه تقوم التلاوة في مصر، هو الإمام عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، من أهل الكوفة وشيخ الإقراء فيها، توفي سنة 127، وقيل 129هـ.

 

كان عالما ثقة، ورعًا عابدًا تقيًا، جمع بين الفصاحة والإتقان، والتحرير والتجويد، والقراءة والنحو، حتى عدَّ في زمانه من أفصح الناس، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت الإمام أحمد عن عاصم بن بهدلة؛ فقال: رجل صالح خير ثقة، قلت: أي القراءات أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لم تكن فقراءة عاصم.

 

وقال سألتُ أبي عن حمَّاد بن أبي سليمان وعاصم، فقال: عاصمُ أحبُّ إلينا، عاصم صاحب قرآن، وحمَّاد صاحب فقه. رحل إليه خلق كثيرون، وقرأوا عليه، ومن أشهر الرواة عنه؛ شعبة أبو بكر بن عياش، وحفص بن سليمان، ورواية حفص عن عاصم هي الرواية الموجودة لدينا في مصر قراءة وكتابة.

 

ومما يروى أن أبا بكر بن عيَّاش قال: دخلت على عاصم وهو في الموت، فأُغمي عليه، فأفاق، فقرأ: “ثُمَّ رُدُّوا إِلَى الله مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ”.

جاء ذكره في متن الشاطبية المسمى “حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع”:

وبالكوفة الغراء منهم ثلاثة

أذاعوا فقد ضاعت شذا وقرنفلا

فأما أبو بكر وعاصم اسمه

فشعبة راويه المبرز أفضل

وذاك ابن عياش أبو بكر الرضا

وحفص وبالإتقان كان مفضلا

 

 

وقال ابن الجزري في “طيبة النشر في القراءات العشر”:

 

ثلاثة من كوفة فعاصم

فعنه شعبة وحفص قارئ

 

من اختلافات رواية شعبة عن حفص:

 

(اتخذتم- أتخذتم) لشعبة إدغام الذال في التاء إدغاما كاملا، وحفص بالإظهار.

(هزوا) لحفص، ولشعبة (هزؤا) إبدال الواو همزة.

(جبريل) لحفص، ولشعبة (جبرئِل) فتح الجيم والراء وهمزة مكسورة بدلا من الياء.

(ميكال) لحفص، ولشعبة (ميكائيل) إضافة همزة مكسورة وياء قبل اللام مع المد المتصل.

“قال لا ينال عهدي الظالمين”: (عهدي) عند حفص، و(عهديَ) عند شعبة بفتح الياء.

“طهرا بيتي للطائفين”: بيتيَ بفتح الياء عند حفص، وإسكانها عند شعبة.

(رؤوف) عند حفص، و(رؤف) عند شعبة.

(خطوات) لحفص بضم الطاء، وشعبة بإسكان الطاء مع القلقة.

(موصٍ) لحفص، أما شعبة (موصٍّ) بتشديد الصاد وفتح الواو.

(ولتكملوا): بإسكان الكاف وتخفيف الميم، (ولتكمّلوا): شعبة فتح الكاف وتشديد الميم.

(بُيوت) ضم الباء لحفص، وكسر الباء لشعبة.

(زكريا) لحفص، و(زكرياء) لشعبة.

(حج) بكسر الحاء لحفص، وفتح الحاء لشعبة.

(الغيوب) بضم الغين، وكسر الغين لشعبة.

(مكانتكم) بالإفراد لحفص، ومكاناتكم بالجمع لشعبة.

(القسطاس) كسر القاف لحفص، وضم القاف لشعبة.

(عيون) ضم العين لحفص، وكسر العين لشعبة.

(شيوخا) بضم الشين لحفص، وكسر الشين لشعبة.

(سعرت) بتشديد العين لحفص، وتخفيف العين لشعبة.

(أدراك) لحفص، وإمالة فتحة الراء والألف لشعبة.

(مؤصدة) لحفص، و(موصدة) بإبدال الهمزة واوا ساكنة لشعبة.

من انفرادات الإمام عاصم:

قال تعالى: “من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له” فيضاعفه بالألف وتخفيف العين ونصب الفاء- “وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون” تصدقوا بتخفيف الصاد- “إلا أن تكون تجارة حاضرة” تجارةً حاضرةً بالنصب فيهما-

“وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته”، و”وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته”، و”ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته” بشرا بضم الباء وسكون الشين- “إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض”، و”حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج” بهمز الكلمتين- “لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار” جذوة بفتح الجيم-

 

“وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم” بضم التاء وتخفيف الظاء والهاء وكسرها وألف بينهما- “ولكن رسول الله وخاتم النبيين” خاتم بفتح التاء- “الذين يظاهرون منكم من نسائهم”، و”والذين يظاهرون من نسائهم” يُظَاهِرون بضم الياء وتخفيف الظاء والهاء وكسرها وألف بينهما-

 

“إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس” المجالس بالجمع- “قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم”، و”لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة” أسوة بضم الهمزة- “أو يذكر فتنفعه الذكرى” فتنفعَه بالنصب- “وامرأته حمالة الحطب” حمالةَ بالنصب.

وكان من عادات ناظمي متون القراءات أن تختم بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- كما بدأت المقدمة بالصلاة على النبي، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- نظم ابن الجزري في متن “الدرة المضية في القراءات الثلاث”؛ إذ يقول في مفتتحها:

قل الحمد لله الذي وحده علا

ومجده واسأل عونه وتوسلا

وصل على خير الأنام محمد

وسلم وآل والصحاب ومن تلا

ثم جاء الأمر نفسه في ختامها؛ إذ يقول:

وطوقني الأعراب بالليل غفلة

فما تركوا شيئا وكدت لأقتلا

فأدركني اللطف الخفي وردني

عنيزة حتى جاءني من تكفلا

فيا رب بلغني مرادي وسهلا

ومُن بجمع الشمل واغفر ذنوبنا

وصل على خير الأنام ومن تلا

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى