يسر النوالي تكتب لـ«مصر الساعة»: الثقافة أولا.. الثقافة أخيرا
في الآونة الأخيرة تزايد الحديث عن مفهوم التغير في الثقافة العربية التي يطمع مثقفوها إلى الإصلاح وإعادة بناء المفاهيم والعادات والقيم مما أوقعهم في جدلية مزمنة وهي ” من يقبل من؟” المجتمع يذوب في الأطروحات الجديدة أم الأطروحات الجديدة تذوب في المجتمع.
الثقافة أولا بوصفها مسؤولية وحرية وإقتناع بمبادي مشتركة يتلاقى فيها المجتمع، فما تنجزه الثقافة من مقومات الوعي وتطهير الضمير لابد أن تتمحور القوانين والنظم الإجتماعية والدينية والأخلاقية والسياسية والإقتصادية كلها حول صياغة قيمة لهوية الإنسان، و ما تقدمه المؤسسات الثقافية في الوطن العربي من خلال المهرجانات والتجمعات المستمرة لتقييم الثقافة ومستوى إنجازها ومستقبلها الذي يراهن عليه.
فقد نجد من نقاد وباحثين وشعراء وكتاب أكثر عطاء وجدة ووعيا وبهم تتدافع عجلة التطور التاريخي والحضاري لأنهم ينطلقون من أنفسهم والتفكير الحر هو باعث صادق للتحول الحضاري لأنه محفز، وبإعتقادي أن الشباب فالمستقبل هم والحرية واحد والوطن واحد، والعمل الثقافي إذا لا يتقاطع مع السياسة فسوف يظل المثقف معزولا عن السلطات وبعيدا عن قرارات المصير، نحن أحوج ما نكون إلى المثقف السياسي وهو ما يضمن للشباب حيوية أبدية
فإلى متى نصر على فلسفة ال” بين ” لما لا نلجأ للمنطق الرياضي ” إما / أو “
فالثقافة التي لا تقبل التغيير ميتة ويجب تغييرها، وتغيير يعني تقويض مبادئها ومسلماتها التي جعلتها في خذلان مفجع لا بد من أن تتجاوزه قريبا.
والثقافة التي تؤجل إصلاحها هي شبه ثقافة لأنها فردية وحضارات اليوم ضد الفردية في صياغة المفاهيم ونقدها وتطويرها أيضا وهذا تأكيد على ما يسمى العقل المشترك في أجندة الثقافة العالمية الحديثة، من الذي لا يستطيع القيام بإصلاح ثقافي دون أن يتواكب معه إصلاح سياسي وإقتصادي؟ فالتنميةلا تتطلب إمكانات بقدر ما تتطلب تغيرا في الذهنيات وتجددا في الأفكار وشحذا للإرادات ولن يتأنى ذلك على المواطن المحاصر فكريا لا بد أن يخرج من شرنقة التخلف الثقافي ويسعى في طور من النضج بحثا عن ثقافة جديدة تعده للمستقبل، وهذا هو العبء الذي يجب أن يوضع على عاتق الهيئة الثقافية مادامت تهدف إلى التنوير والتجدد.