
كتبت / سحرعبدالفتاح
ولد إمام محمد أحمد عيسى الشهير بالشيخ إمام في ٢ من يوليو في عام ١٩١٨ في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة، ولد في عائلة فقيرة، فقد بصره في الخامسة من عمره، فقدان بصره كان نتيجة مرض أو علاج خاطئ لعينيه في قريته. ورغم ذلك، لم يكن فقظان البصر عائق أمامه، بل يمكن القول إن فقدان البصر زاد من حدة سمعه وحساسيته الموسيقية، وساعده على أن يكون أكثر تركيزًا في النغم والكلمة والمعنى، تعلم الموسيقي رغم الإعاقة، وتعلم العزف على العود بإتقان شديد رغم عدم قدرته على الرؤية، كان يقرأ النوتات ويكتبها عبر الذاكرة السمعية فقط، حفظ ألحان ومقامات وأغاني من التراث المصري، من دون أي وسيلة مرئية، كان يتمتع بثقافه واسعة، درس في الأزهر، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو طفل صغير، انفتح لاحقًا على الشعر الحديث والأدب، والفكر السياسي، وكان يحفظ قصائد كاملة عن ظهر قلب، أشتهر بمواقفه السياسية الشجاعة، وصار رمزا للفن المقاوم، رغم أنه كان “ممنوع رسميًا”، لكن أصبح أي مكان يغني فيه الشيخ إمام، مكانًا للمقاومة، لم يكن له ظهور رسمي في الإذاعة أو التلفزيون، وبالرغم من ذلك انتشرت أغانيه بالتسجيلات اليدوية والكاسيت، وتناقلها الناس شفهيًا، مما زاد من رمزيته..
من أكثر الأغاني التي تسببت للشيخ إمام في مشاكل حقيقية مع النظام المصري، بل وكانت سببًا مباشرا في سجنه، هي أغنية “السادات يا ريسنا”، وأغنية “يعيش أهل بلدي”، لكن أبرزهم على الإطلاق من حيث الصدام المباشر والتبعات الأمنية كانت أغنية: “جيفارا مات” حيث كانت تغنى في الجامعات وأماكن التجمعات السياسية، مما جعل الأغنية تبدو كتحريض غير مباشر على النظام، كما أثارت أغنية: “مصر يامه يا بهية” غضب النظام، وهي من الأغاني التي خرجت بعد نكسة ١٩٦٧، من أغانيه أيضا “الدرس انتهى .. لموا الكراريس، وأغنية “حكاية عن حارتنا”..
استخدم اللغة العامية ببراعة شديدة، مما جعل كلماته قريبة من الشعب، كان يمزج بين اللحن الشرقي التقليدي والنقد السياسي اللاذع، لم يكن يسعى للشهرة التجارية أو الثراء المادي، بل جعل فنه وسيلة للمقاومة.
سجن الشيخ إمام عدة مرات بسبب هذه الأغاني، ومُنع من الإذاعة، ورغم المنع، وصلت أغانيه إلى أوسع قاعدة شعبية، وساهمت في خلق وجدان شعبي مقاوم.
الأمر الذي جعله واحدا من أبرز رموز الغناء السياسي في العالم العربي خلال القرن العشرين، كان رفيق مشواره صديقه الشاعر أحمد فؤاد نجم، حيث شكل الثنائي “الشيخ إمام ونجم” علامة فارقة في الأغنية السياسية والاجتماعية، خاصة في فترات الاضطراب السياسي بمصر.
كانت أغانيه تُمنع رسميًا من الإذاعة، لكنها كانت تُتناقل شعبيًا في المقاهي والجامعات، نفي الشيخ إمام خارج البلاد عدة مرات، لكنه غنى في بلدان عربية وأجنبية، حيث استقبل بحفاوة من حركات اليسار والنشطاء السياسيين..