طوفان سورية المحرر لها في وتيرة خيالية: سقوط الأسد احتمال حقيقي و تغير خريطة قوى الشرق الأوسط
سيطرة على ما يقارب من 200 قرية و مدينة: المعارضة السورية تبخر نظام الأسد
كتب: مصطفى نصار
في وقت كتابة هذا التقرير ، من المتوقع أن تسيطر المعارضة المسلحة السورية على السويداء ، و في طريقها لدمشق في تقدير أقصاه يومين ، و هكذا تطوى الصفحة السوداء من أفظع الأنظمة الديكتاتورية وحشية و إجرامًا في العصر الحديث بل في تاريخ البشرية أجمع في وقت قياسي لم تتوقعه حتى القوى الخارجية الموجودة داخل سورية عقب الربيع العربي .
ففي يوم الأربعاء الموافق ٢٧ نوفمبر ، فأجئت المعارضة السورية المسلحة بفصائلها الخمسة ، المتمثلة في أشهرهم حركة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) بهيئة تحرير الشام ، و فصيل أحرار الشام ، و نصرا الشام ، و الردع لآخره من الجنود البالغ عددهم إجمالًا ٣٥ ألف سوري ، بهجوم مباغت و نوعي فأجا فيه الجميع من روسيا لإيران و ميليشاتها الموزعة في سورية (فاطميون الباكستيني ، و زينبون الأفعاني) مسيطرين على حلب بأكملها في ست ساعات ، و هو ما يعد إنجازًا استثنائيًا لما تمثله من أهيمة اقتصادية و سياسية فهي عاصمة سورية الاقتصادية، و بها من القلاع و السجون و المطارات العسكرية ما يمثل مقرات ثمنية للنظام ، فسيطرت المعارضة على كل تلك الغنائم ، و أعادت المهجرين ، مفرجة بعدها عن جميع المعتقلين السياسين ، و غيرهم من المظاليم ، و سيطروا على أسلحة ثقيلة من عداد النظام وسط انهيار متسارع و مؤجز لافت للنظر في قوات جيش النظام السوري ، مستردين بذلك قلعة حلب التاريخية و المسجد الأموي الكبير ، و مطار حلب المدني ، و عدة قواعد عسكرية قديمة و عتيقة .
فبعدها بيوم و تحديدًا في يوم الجمعة ٢٨ نوفمبر، انطلقت المعارضة المسلحة السورية ، باتجاه حماة ،المدينة المركزية ذات الدلالة الهامة و الرمزية لكونها أول مدينة تنتفض في وجه نظام حافظ الأسد في عام ١٩٨٢ ، و قابلها الأسد بحصار خانق ، و قمع وحشي انتهى بإحدى أبشع المجازر التي خلفت ٤٠ ألف شهيد ، و ١٥٠ ألف مصاب ، فكونت ذاكرة وحشية و نادمة حيال تلك المذبحة لدى جميع السوريين . بالإضافة لما سبق ،فإن بسيطرتهم على حماة يكونون قد سهلوا على أنفسهم نقل الإمدادات العسكرية التي تصلهم من إدلب ، و على طريق M5 الحيوي للغاية الواصل بين حماة و إدلب و دمشق ، مما مثل ضغطًا كبيرًا على جنوب النظام ، و يجعله محاصرًا مخترقًا ، و يمهد للسيطرة على حمص ، و تنتهى بدمشق العاصمة . و انتهت المعارضة بالتوغل ناحية مدينة درعا و السويداء ، مع سقوط سريع و مدوي لقوات النظام السوري المجرم ، مع استخدام مستمر للأسلحة الحديثة المطورة محليًا ، مثل مسيرات الشاهين التي ألمت نظام الأسد بشدة و عمق ، و دخولها للعمق .
و من المتوقع كذلك استمرار التوغل السريع و الديناميكي حتى الوصول لدمشق ، بعد خوض الاشتباكات الواجبة و الطبيعية مع جنود الأسد و ميليشات إيران و عناصر حزب الله اللبناني مثلما حدث في حمص و درعا قبيل تحريرها الكامل ، و تدفق المدنيين بكافة طوائفهم و أجناسهم من سنة و شيعة و أرمن كاثوليك ، منهية بذلك معاناة مركبة ، و عقوبة قاسية كانت من أسباب للتدخل الأجنبي في الأصل بحسب عمار فرهود الباحث في الشئون العسكرية ، لتنطلق بعدها المعارضة السورية في الزحف نحو دمشق و تطويقها .
الجيش الفار من أرض المعركة : ٧عوامل و أسباب لتراجع جيش الإجرام السوري .
يوجد عدة مشاهد توثق هروب جيش بشار الأسد من أرض المعركة أمام فصائل المعارضة المسلحة ، بين ترك السلاح أو الهروب الجماعي بالعشرات أو مئات الآلاف حينما يتقابلون وجهًا لوجه مع الفصائل مما يطرح سؤالًا مهمًا للغاية يتعلق بإلاعداد الشامل و التخطيط و التجهيز الذي استغرقته لتحقيق هذه اللحظة التاريخية التي ما سبقت لها مثيل منذ أكثر من نصف قرن .
و أعدت المعارضة السورية العدة و الأسلحة و الخطط الاستراتيجية ، فجهزت أكثر من ٧٠٠ مسيرة ،و أجهزة مطورة بالذكاء الاصطناعي ، مما أعطى ميزة إضافية و مكسب جوهري ، عمل على زيادة الثقل و الرصانة مكونة إطار عسكري صلب و مؤسساتي إستراتيجيًا، مما أدى لحسن الاستغلال . بالإضافة لذلك ، فإن الإطار الدوري العسكري لابد من تجهيز إطار و معيار سياسي حاكم ، لإنه معلوم أن السلاح لا يعمل من دون عقيدة واضحة على المستوى الاجتماعي و السياسي ، مثلما أكد نيسلون مانديلا في أعقاب تحريره لجنوب أفريقيا و هو مسجون ، أن الهدف محرك الغرض الأوحد و بعدها بعامين حقق تحريرًا من أروع الحركات التحريرية في التاريخ.
في المقابل ، يواجه النظام السوري قلة ثقة ، و يظن أن القوى الخارجية الداعمة له إما انشغلت عنه ، أو تخلت عنه بالكلية ، فتفكك سريعًا و هرب قائدهم للخارج ، و أسرته لأماكن مختلفة منها روسيا و إيران ، فانتهى بذلك الجيش و تفكك على أيد “التنظيمات المسلحة”وفقًا رواية النظام الإعلامية ، لكن الذي حدث بالفعل انشغال القوى الخارجية في سوريا الأسد بمشاكلها الداخلية سواء بالتجهيز لمجيء ترامب ، أو حروبها مع أطراف خارجية أخرى ، مثل إسرائيل مع جبهة حزب الله اللبناني، و أوكرانيا مع روسيا حتى وصل الأمر بروسيا أن وجهت بشار للتطبيع مع تركيا ، و أكد مصدر في الكرملين عدم قدرتهم على دعم الجيش السوري عند سكونهم ، و عدم قدرة روسيا على المواجهة على جبهتين في آن واحد ، فخسر بذلك الدعم الدولي الصلب نتيجة للعوامل الاستراتيجية السابقة، مما أفقد النظام السوري قدرته على التماسك الشائع و الوهمي الذي عمل عليه منذ سنوات .
و مع ذلك ، فإن انهيار الاقتصاد و تفشي البطالة و تنحية المؤسسات و استبدالها بالميشليات فرغ الدولة من مقوماتها ، و قوتها ، جاعلًا إياها على شفا الانهيار الكلي و الشامل ، مع تفشي الظلم و القهر الذي أزال الرعب و الخوف عبر تراكم الأزمات و التجارب الشنيعة من ظروف اعتقالات صعبة ، و معاناة تهجير و لجوء نص السكان السوريين تقربيًا (أكثر من ١٢ مليون سوري ) ، و تصفية أكثر من ٦٨٤ ألف شخص بالقتل و القذف المتواصل من روسيا و إيران و حزب الله .
تتكمل بقية الأسباب من بقية الدكتاتوريات من التفرد بالسلطة و الدخول في معادلة السلطة مقابل الدولة ، نتج عن ذلك في سورية على سبيل المثال لتحويل سورية لدولة المخدرات الأولى بتصدير مخدر الكبتاجون السام لدول الخليج و الدول العربية الباقية ، حتى اشتراك أفراد من آل الآسد بها مثل وسيم الأسد ابن عم الهارب بشار الأسد ، ووصلت لأشد درجات السفول و الانحطاط و الحضيض . فمن الطبيعي أن نرى نظامًا فارغًا ينهار في مدة قصيرة باختفاء المقومات البناءة و المطورة للدولة .
غير العوامل الداخلية ، تحول النظام الأسدي لعبء كبير على الساحة الدولية بالنسبة لخصومه ، فتلاقت مصالح تركيا مع المعارضة في ملفي اللاجئين و النازحين في الخارج ، و يضيف الباحث الأكاديمي أومبيت بيرهان “أن تركيا تريد أن تحل أزمة اللاجئين بشكل يفضي لعدم أذيتهم “.