يسر النوالي تكتب: متى نتخلص من هذا الإرث؟

العنف ضد المرأة إرث ثقافي له تاريخ يمتد إلى أيام الجاهلية حينما كان الرجل يفتخر بوأد الأنثى، ولا تزال بيننا رواسب من ذلك الإرث .
ثقافة العنف بعيدة الجذور في تربة المجتمع العربي، فالعنف ماهو إلا إفراز إجتماعي لعلاقة غير متكافئة لثقافة متحاملة على المرأة ويقصد بالعنف ضد المرأة كل ما يؤدي إلى ضرر يمسها ماديا أو معنويا أو نفسيا، وللعنف مظاهر ودرجات وأنواع والعنف النفسي وهو أشده ويتمثل في انواع من الضغط والإكراه يمارس ضد المرأة ثم العنف اللفظي ثم العنف المادي وهو ظاهر وصامت، ظاهر هو ما يصل إلى السلطات وهو الأقل وعنف صامت يتم بين الجدران وهو الأكثر إنتشارا.
وقد إتسعت ظاهرة العنف فأصبحت وباءا منتشرا في جميع المجتمعات المتقدمة والنامية إذ ضرب النساء من الظواهر المنتشرة وهو أحد أسباب الطلاق وفي إستطلاع عن ظاهرة العنف ضد الزوجات تبين إستفحال الظاهرة محليا وعالميا بسبب الطبيعة غير السوية منها العقد النفسية الكامنة منذ الصغر أو القهر أو الضغوط النفسية في العمل بسبب مفاهيم مغلوطة منتشرة في الوسط الإجتماعي منها الفهم المغلوط للقوامة، فهم مغلوط للرجولة، فهم مغلوط للتوجيه والإرشاد، فهم مغلوط لطبيعة المرأة، فهم مغلوط لحق الطاعة بسبب النمط السائد للتربية، بسبب المراة نفسها لضعف شخصيتها وتأثرها بمفاهيم مغلوطة، وثقافة مغشوشة تساهم في دعم الإتجاهات التعصبية في المجتمع، بسبب النظام التعليمي السائد يكرس وضعا نمطيا لدور المرأة في المجتمع، بسبب النظام الثقافي السائد الذي يكرس وضعية هامشية للمرأة ويؤكد تبعية المرأة للرجل.
وكذلك بسبب الإعلام يرسخ بسيد الرجل سواء في الأفلام أو المسلسلات وغيرها، وأسباب أخرى متمثلة في التعاطي للمسكرات والمخدرات وإنخفاض المستوى التعليمي وهناك سبب مهم وأساسي هو ضعف الوازع الديني نظرا لأداء بعض المسلمين شعائر الدين وعباداته أداءا شكليا مظهريا فلا يربي ضميرا ولا يهذب سلوكا ولا يحسن معاملة
إذا لماذا الإهتمام بمنع العنف الموجه ضد المرأة ؟
والجواب أن ذلك لسببين أساسين : أولا المرأة إذا لم نحرص على إحترامها وتقديرها ومنع أي مصدر للعنف ضدها فإنها لن تكون مستقرة نفسيا فلا تستطيع أن تربي أولادها التربية المرجوة لبناء مجتمع ناهض قوي.
ثانيا مجتمعاتنا تعاني مشكلات عدة : تربية وتعليما وإقتصادا
ورأيي الذي أتمسك به دائما أن ضعف مجتمعاتنا من ضعف المرأة عندنا، وللخروج من تبعات هذا الإرث السلبي فلابد من تنقية التراث برمته من الشوائب الظالمة، تنقية الصورة النمطية للمرأة الخانعة، تصحيح ثقافي واسع لبيان المفاهيم الصحيحة المتصلة بعلاقة الجنسين توعية الزوجين بحقوقهم وواجباتهم الشرعية والقانونية وكيفية المطالبة بها، توفير مراكز للتوعية الأسرية بالإرشاد الأسري، تقوية الوازع الديني الثقافة الدينية وتصحيح المفاهيم الإجتماعية المغلوطة، فإذا أحسنا معاملة المرأة إنعكس ذلك على قوة المجتمع بسبب حسن تربية المرأة القوية المستقرة نفسيا لأولادها الذين هم قادة المستقبل
فلنشد بيد قوية على جميع أشكال العنف .