هذا السؤال ينطوي على مضامين أخلاقية ومثالية وعلمية أيضا، ولكن السؤال يطرح نفسه بوصفه سؤالا ضروريا .
يرى أن العلم الذي يبدد ظلمات الجهل بفضل جهود العلماء يقود الإنسان إلى حياة أكثر توازنا وعدالة ويوفر لهم من الوسائل ما يجعل هذه الحياة مريحة والتغلب على تحدياتها .
و من هنا فمن المفترض إذن أن العلم يرشد الإنسان إلى المزيد من الطمأنينة في بنية المجتمعات البشرية مما يؤدي إلى حياة أفضل، العلم حقا من حقوق الإنسان في العالم الحديث إذ صار التعليم أحد مؤشرات التحضر والتقدم في عالم اليوم فقد حرصت كل الدول المتقدمة على ضمان وصوله إلى كل الناس .
فإذا لم يكن العلم سلعة يتطلب إنتاجها نفقات وجهدا فما طبيعته بالضبط ؟
بقدر ما يبدو هذا السؤال بسيطا و مباشرا بقدر ما نكتشف أن الإجابة صعبة و مركبة، إن أول ما يطرأ على الذهن عندما يتم طرح هذا السؤال صورة العلماء المهاجرين من بلادهم الفقيرة والتي أنفقت من مواردها المحدودة على تعليمهم و تدريبهم لكي يعملوا في بلاد غنية تأخذ عملهم في مقابل ما تقدمه لهم مما لم يجدوه في بلادهم أو ليس هؤلاء نوعا من باعة العلم ؟ أوليست السلعة التي يحملونها في أدمغتهم هي التي تفتح لهم أبواب العالم الغني ؟ ورب قائل بأن العلم لا وطن له و لكن ما يجري الآن من إحتكار العالم الغني والدول المتقدمة للعلم ما يجري الآن يكذب هذا القول الرومانسي الذي لا وجود له في عالم اليوم إن القول بأن العلم سلعة ربما يكون صادما ولكنه يجب أن يكون كاشفا، و من هنا يجب التعامل مع العلم على أساس واقعي و عملي فإذا كان العلم سلعة و هو كذلك في رأيي فلم يعد العلم مشروعا فرديا بأي حال من الأحوال و إنما صار مشروعا مجتمعيا يسعى المجتمع من ورائه لتحقيق مكاسب مادية وحضارية و معنوية و من هنا فإن المجتمع الذي يعلم أبناءه يجب أن يستفيد من علمهم
فالواقع أن “العلم من اجل العلم” لم يوجد أبدا في تاريخ البشرية فقد كان هناك على الدوام هدف يسعى العلم وراءه .
بقلم الكاتبة: يسر النوالي