منوعات

يسر النوالي تكتب لـ«مصر الساعة»: الدين والتدين

ثمة فارق بين الدين والتدين فلئن كان الدين هو المنظومة التي تشتمل العقائد والشرائع والقصص فإن التدين هو تلك القابلية الفردية أو الإجتماعية لهذه المنظومة لهذا النص الواحد يقرؤه أفراد مختلفون بعقول وضمائر مختلفة فإذا هو في المحصلة النهائية نص واحد من حيث إنتماؤه إلى منظومته ولكنه نصوص مختلفة من حيث تطبيقه وهذا راجع في الحقيقة إلى إختلاف الضماير الناتجة عن إختلاف الأفراد.

الضمير هو الكائن الوحيد الذي ليس إلى خداعه من سبيل بوسعك أن تصيبه بغيبوبة مؤقتة ولكنك أبدا لا تستطيع أن تغير محتواه لتلبس عليه الحق بالباطل ومن الضمير وحده تكون نقطة إشراق القيم في النفس ولكن كيف يشرق الدين في أعماق المتدين؟ أبعقله حينما يفكر؟ أم بحواسه عندما يعمل؟ أم بقلبه إذ يحس؟ ليس للعقل دخل ضخم في عملية التدين لأن قصارى ما يستطيعه البرهنة على النتايج التي إستقرت سلفا في النفس ونحن لا نقصد بالتدين هنا مجرد الإنتماء الشكلي إلى هذا الدين أو ذاك بل نقصد بالتدين تلك الزلزلة التي تأخذ بناصية الروح لتمضي بها صعدا إلى العالم الأعلى.

نقول ليس للعقل دوره لانك تستطيع بعقلك أن تناظر واحدا من الناس فتفحمه وتسكته نعم تستطيع أن تلزمه الحجة ما شئت ولكن هل تستطيع بعقلك أنت أن تخلق في قلبه رعشة توقظه في ليلة شاتية ليتوظأ بماء بارد ويقوم في خفية من الناس يصلي لإله لا تدركه الحواس فالعمل أعني أداء الشعائر فهو مترتب على الإحساس والفكر معا فأنت تحس ثم تتامل إحساسك ثم تعمل بناءا على ما إستقر في قلبك وعقلك، إذن لم يبق معنا إلا القلب ذلك الكائن الذي يفرز لغة سحرية أنت وحدك تفهمها وتتفاعل معها فهي على الرغم من شدة وضوحها تستعصي على الترجمة الفورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى