يسر النوالي تكتب لـ«مصر الساعة»: الآن وغداً

من مزايا العلم طموحه الدائم وتطلعه المستمر للمستقبل ولعل هذا ما جعل أسئلة العلم تعرف بأنها أكثر الأسئلة مرونة وأن ما قد يبدو صحيحا اليوم قد يثبت خطؤه غدا وبسبب مرونة العلم إستطاعت البشرية أن تحقق كل ما حققته من تقدم ولأن التطور والتغير هو أهم سمات العلوم لا تتوقع إجابة بعينها وإنما تطرح الإحتمالات جميعا.
وعندما تصل إلى حقيقة واضحة لا تكون نهائية أو مطلقة وإنما تؤكد أنها الحقيقة التي تجلت بقدر معرفة العقل البشري في لحظة تجلي تلك الحقيقة، فالعلوم والعلماء لا تعترف بحد نهائي بمعنى أنه إذا تم الكشف لاحقا على ظاهرة جديدة فإن العلماء يمتلكون النضج الكافي والتواضع اللازم لإعادة فهم الحقائق القديمة في ضوء الظاهرة الجديدة وهكذا كان شأن الحضارات والثقافات التي قررت أن تصل إلى ذرى المعرفة والتطور.
فقد تعلمت أن إمكانات العقل البشري بلا حدود وأن التطور يشترط أن تطلق للعقل حريته وحق السؤال بلا إجابة متوقعة ولهذا نتج عن تلك الحضارات ثقافة أسبغت على عقول أبنائنا ما يعرف بالعقلية العلمية وحققت أهم سمات الحضارات الكبرى وهي التطور والرقي الإنساني وبالعكس تماما سبب إنهيار بعض الحضارات هو معاداتها للعلم والمعرفة وميلها للثبات والجمود وإعاقة العقل البشري عن أداء دوره الطبيعي ما أدى إلى أن تهوى من قمة الحضارة إلى هاوية التخلف
لذا ينبغي لنا أن نتعرف على كيفية الإنتقال من قيود ثقافية وإجتماعية تجعلنا ندور في دوائر الإجابات الثنائية على الأسئلة بدلا من أن نتحلى بالمرونة اللازمة للمعرفة ولدخول عصر التطور عندما يصل إدراك الإنسان يوما إلى أن الكائن البشري على سطح الكرة الأرضية له مستقبل واحد، حينئذ سينصت العالم كله لصوت العلم وربما يمتثل.