يسر النوالي تكتب لـ”مصر الساعة”: حياة الناس غداً

كل من يتابع إنجازات العالم المتقدم في مجال العلم والتكنولوجيا و هي إنجازات متسارعة في إطراد، لا يملك إلا أن يسأل : ترى ما دلالة هذا التطور وما أثره في حياة الفرد والمجتمع والعالم ؟
إن المشكلة الحقيقية ليست ما هي التطورات العلمية والتكنولوجيا في سرعتها المذهلة بل ما مدى تأثيرها وما سوف تحدثه من تغير في القيم و الثقافات و في نظرتنا إلى العالم و إنقسام الناس إلى فريق محب، و آخر خائف، وثالث ساخر هازيء بالعلم و التكنولوجيا، إن ردود أفعال الناس إزاء هذه التحولات سوف تتباين بشدة بين إقبال و صدود إن ما ينتظر البشر يفوق الخيال إلى حد الإستفزاز و ليس الامر تخييلا و لكنه خيال مبني على أساس ما تحقق من إنجازات علمية و تكنولوجية و إمكانات واعدة خيرا و شرا يعدنا بها التقدم المطرد في تواتره السريع إنه واقع موضوعي يتجاوز حدود خيالنا الراهن الذي هو بدوره وليد مستوى علمي تكنولوجي ستراه أجيال المستقبل غدا واقعا متخلفا
ولكنني بعد تأمل طويل واجهت سؤالا : كيف سيكون وعي الناس و كيف ستكون حياتهم ؟ و كيف ستغير التكنولوجيا من نظرتنا و من ثقافتنا ؟ من أحاسيسنا و أفكارنا و شخصياتنا ؟و كيف سيؤدي هذا التحول العميق إلى نشوء متطلبات جديدة و كيف سيتجلى هذا كله في مجالات الحرية : حرية الفكر و الإرادة و الشعور بالخصوصية الفردية ؟
إنا نقف على عتبة تحول كبير مثير يفوق كثيرا أي تحول سابق عرفته البشرية في تاريخها كله إن العلم و التكنولوجيا وهما الآن جوهر و روح حياة العصر سيؤديان سريعا إلى تغيرات جذرية و نوعية لن تقتصر فقط على أسلوبنا في الحياة بل و على أسلوبنا في التفكير و الشعور و سوف يعني هذا القدرة المباشرة على التأثير في جوهر فردية ذاتية الإنسان و سوف يكون عسيرا تحديد معالم فاصلة بين الواقع و الخيال .
بقلم الكاتبة : يسر النوالي