منوعات

للخيانة رموز وعلامات

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 1 سبتمبر 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة” رواه البخاري، ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها” رواه مسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم “أدي الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” ومن الآيات الجامعة للأحكام ما جاء في قوله تعالى في سورة النساء ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا”

وقد وصف القرطبي هذه الآية بأنها “من أمهات الأحكام، حيث أنها تضمنت جميع الدين والشرع” وهذه الآية الكريمة جاءت عقب آيات سبقتها تتحدث عن أحوال الكفار والمنافقين، كقوله تعالى في سورة النساء “ويكتمون ما آتاهم الله من فضله” وقوله سبحانه في سورة النساء ” والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر” ولقد كان للخيانة رموز وعلامات فهذه خيانة الناصر يوسف الأيوبي وهو من أحفاد صلاح الدين الأيوبي، وآخر ملوك الدولة الأيوبية، وكان من خيانته أن قام الناصر يوسف الأيوبي بمنع الإمدادات والمساعدات عن الكامل محمد الأيوبي، وساعد كذلك في حصار مدينة ميافارقين وهي ما بين دجلة والفرات، وساعد هولاكو في الهجوم على مصر لتخليصها من بين يدي المماليك.

والأكثر من ذلك أن العزيز بن الناصر يوسف آثر أن يبقى في عسكر هولاكو ليهاجم معه المسلمين، وبالرغم من كل ذلك أرسل هولاكو رسالة إلى الناصر يوسف الأيوبي يهدده ويتوعده بل ويأمره أن يأتيه هو وجنوده، وفي نهاية رسالة التهديد والوعيد هذه كتب قائلا ” وقد بلغنا أن تجار الشام وغيرهم انهزموا بحريمهم إلى مصر فإن كانوا في الجبال نسفناها، وإن كانوا في الأرض خسفناها” وبعد هذه الرسالة التي يفهم منها تجريد الناصر يوسف من كل شيء والقضاء على حلمه، قرر الناصر يوسف أن يتخذ قرارا بإعلان الجهاد ضد التتار، قوبلت هذه الدعوة للجهاد بإستهتار وإستخفاف شديدين لأن الجميع يعلم أن الناصر يوسف ليس من أهل الجهاد، وليس عنده أي حمية للدين ولا للعقيدة.

ولا يغار عليهما، فمن المعروف عنه أنه اعتاد أن يتنازل عن كل شيء، وأي شيء، من أجل الحكم، وإستجاب بعض المتحمسين للناصر يوسف، وجاؤوا يقاتلون تحت رايته الجديدة، وضرب معسكرا لجيشه في شمال دمشق عند قرية برزة، وبدأ الناصر يوسف يراسل الأمراء من حوله لينضموا إليه لقتال التتار، وبدأ كذلك إستمالة النصارى، ووعدهم بتوليهم إدارة شؤون البلاد بعد المعركة، وتقدم جيش هولاكو واستولى على ما بقي من بلاد الشام، فقرر الناصر يوسف الهرب إلى مصر، لكن السلطان قطز سلطان مصر كان له بالمرصاد، ورفض دخوله، وبقي الناصر يوسف في الصحراء إلى أن أمسكته جنود المغول، وقام هولاكو بقتله بعد هزيمة المغول في معركة عين جالوت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى