فن وثقافة

كيف كان سيحرم مدرس اللغه العربية البشرية من عبقرية د.مصطفى محمود؟!

كتبت: سحر عبد الفتاح
د. مصطفى محمود كان بتمتع بالعديد من المواهب الفطرية منذ نعومة أظافره فكان يكتب الشعر والنثر ويعزف علي العود والفلوت ويمارس الرسم والنحت، وكان يهوي الكتابة والقراءة والطبيعة والكمياء والتشريح وعلوم الفلك حتي إنه كان يضع علي سطح منزله تليسكوب كبير ليتابع الظواهر الكونية المختلفة مثل الكسوف والخسوف ومراحل نمو القمر ومتابعة النجوم وغيرها من الظواهر الكونية، كما انه كان يهوي جمع الفراشات المحنطة بأشكالها المختلفة التي تعيش في أماكن مختلفة وبلدان متنوعة ، علي سبيل المثال الفراشات التي تعيش في الغابات تختلف عن الفراشات التي تعيش في الصحراء وغيرها من بيئات المتنوعة التي تتواجد فيها..
د. مصطفى محمود أقل ما يوصف به أنه كان عبقري زمانه سابق عصره، هو الإنسان الذي يحمل عقل وقلب وفكر منشغل دائما بالبحث الدائم عن الحقيقة والمعني وعلاقة الانسان بالله ، ورغم الخلاف والاختلاف الذي عاني منه د. مصطفى محمود من اللذين لا يفهمونه أو ممن لا يصلون الي عمقه كإنسان باحث مفكر وفيلسوف فنان وأديب، إلا أن كل مؤلفاته كانت دائما تؤكد علي عمق إيمانه الشديد بربه ، حقا هو موسوعة لا يضاهيه أي كلام ولا حتي امتنان لما تركه لنا من علم ومؤلفات وحلقات تليفزيونية مهمة..
ترك لنا د. مصطفى محمود مايقرب من ٨٩ كتاب ما بين الروايات والكتب الفكرية والعقائدية والقصص القصيرة والحكايات والمسرحيات وأدب الرحلات ، الي جانب تسعة كتب عن الكيان الصهيوني وفكره ومنهجه في تحقيق أهدافه تجاه العرب والشرق الأوسط، ومن هذه الكتب التحذيرية من الكيانات الصهيونية وخططها نحو الشرق، كان “إسرائيل البداية والنهاية”، “على حافة الانتحار”، و”إسرائيل النازية ولغة المحرقة”، هذا غير برنامجه الشهير “العلم والايمان” الذي قدم لنا ما يقرب من ٤٠٠ حلقة أكد فيه علي قدرة الله عز وجل وفلسفة الانسان والعلم والإيمان..
طالب الكاتب في سلسلة كتبه عن “إسرائيل” بضرورة أن تعي الدول العربية ما يُحاك لها من قبل الاستيطان الصهيوني، وأن تحذر في تعاملها مع السلام الذي يُطلب منها اللحاق به، وهو ما يحتاج الاستقلال العسكري والاقتصادي، كما ذكر عن استخدام الأعداء للإرهابيين تحت ستار الإسلاميين ، والغرض من استخدامهم هو تشويه صورة الدين والإسلام ، كما قال أن “تل أبيب ” بقيادتها السياسية وزعاماتها الدينية تزرع المزيد من الكراهية ضد العرب، كما أن آلتها العسكرية تتوسع باستمرار على حساب شعب فلسطين، فضلا عن أنها ما زالت تطور أسلحتها الذرية والبيولوجية والكيميائية وتضعها على حدود مصر ولا تدخر جهدا في المساهمة في تدمير الاقتصاد المصري.
وبوابة البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي وجزر البحر الأحمر، كلها محطات إستراتيجية تقع تحت رقابة وأطماع العين الإسرائيلية طول الوقت”، التي تخطط للتحكم في منابع النيل عن طريق السيطرة على منطقة البحيرات الكبرى، وإثارة الحروب والفتن الطائفية والعنصرية ..
كانت تجمعه مع الرئيس محمد أنور السادات صداقة شخصية وحزن علي مصرعه وقال: “كيف لمسلمين أن يقتلوا رجلاً رد مظالم كثيرة وأتى بالنصر وساعد الجماعات الإسلامية ومع ذلك قتلوه بأيديهم؟!” ..
د. مصطفى محمود كان في طفولته ضعيف البنية لا يستطيع أن يجاري رفاقه في العمر من لعب او ألعاب رياضية، وكانت مناعته الصحية ضعيفه، الأمر الذي دفع به دفعا لإعمال العقل والفلسفة والبحث والانطواء حول تحقيق أفكاره ورسالته..
بدأ حياته الدراسية متفوقاً ، حتى ضربه مدرس اللغة العربية، فغضب محمود وانقطع عن الدراسة لمدة ثلاثة سنوات، الأمر الذي يجعلنا نقف صامتين ، كيف لهذا العبقري أن يتعرض لمثل هذا المدرس الذي أصابه بالذعر والخوف من الذهاب الي المدرسة ودخول الامتحانات وكان سبب في حرمانه من حقه في التعليم لمدة ثلاثة أعوام كاملة، هذا المدرس الذي كان سيحرم البشرية من نابغة عبقري وعالم مثل د. مصطفى محمود العالم الذي يتم البحث في أعماله حتي الآن لاكتشاف حقائق لم يتم اكتشافها بعد ، فهو حقا يعد مرجع حقيقي لمن يريد البحث والمعرفة ، فهو خاض رحلات بحث طويلة من العلم والايمان والقراءة والكتابة والمحن النفسية والصحية، وعاني من مصادرة بعض مؤلفاته وحتي برنامجه”العلم والايمان” كان يواجه تحديات، استكمل د.مصطفى محمود دراسته بعد انتقال هذا المدرس إلى مدرسة أخرى فعاد مصطفى محمود لمتابعة الدراسة وتفوق حتي انه كان اسمه يضيئ لوحة الشرف، كان والد د. مصطفى محمود انسان متفهم ومتدين يتناقش مع أبنائه ولا يجبرهم علي شئ، فكان لا يجبره ولا يفرض عليه ، الأمر الذي منح محمود مساحة من الحرية أن يقرر ما يريد..
ولد د.مصطفى محمود في ٢٧ من ديسمبر عام ١٩٢١ ورحل عن عالمنا في ٣١ اكتوبر في ٢٠٠٩ ، ولم يكتفي بما قدمه من علوم مفيده للبشرية إلا انه ترك صدقات جارية أخري مثل مسجد يحمل أسمه “مسجد مصطفى محمود”، ويتبعه عدد من المراكز الطبية التي تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود، كما انه شكل العديد من القوافل الطبية، وأنشأ الجمعية الفلكية بمسجد محمود، و متحفاً الجيولوجيا، يقوم عليه أساتذة متخصصون، ويضم المتحف مجموعة من الصخور الجرانيتية، والفراشات المحنطة بأشكالها المتنوعة وبعض الكائنات البحرية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى