منوعات

كل وديعة أمانة

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 1 سبتمبر 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد، إن كلمة الخيانة من الكلمات التي تلقي ظلالا بشعة ومفزعة داخل النفس وذلك لأنه بمجرد ذكرها تتوارد على النفس جرائم التآمر والقتل والجاسوسية وغيرها، ولكن هناك أنواع عديدة من الخيانات، يقع فيها الناس إستهانة بأمرها، وهم لا يدركون أنها من أبشع أنواع الخيانة، فالخيانة لها أشكال متعددة، منها خيانة الله ورسوله من خلال تعدي الحدود، وتعطيل الفرائض، وانتهاك الحرمات، وخيانة الوطن عن طريق موالاة أعداء الله تعالى ومداهنتهم، والميل والركون إليهم.

وخيانة الأعراض، وإفشاء الأسرار الزوجية، والخيانة في البيع والشراء والكسب غير المشروع، بأي وسيلة كانت، وخيانة المجالس وإفشاء أسرارها، وخيانة العلم بأن يحرّف العلماء كلام الله تعالى، أو يقولوا ما لا يعلمون، أو بكتمان ما أنزل الله تعالى، وخيانة الودائع بعدم ردّها، أو بإتلافها، أو بالمماطلة في أدائها، وخيانة تضييع الأهل بإهمالهم، وعدم تعهدهم بالتربية والنصح والإرشاد، وقد تواترت نصوص الشرع على الأمر بحفظه وعدم تضييعه أو خيانته واشتهر في كتب أهل العلم والفقه وعلى ألسنة الناس ولعله هو مراد السائل هنا بسؤاله عن الأمانة، والمراد بها على ذلك هو كل ما يجب على الإنسان حفظه وأداؤه من حقوق الآخرين، ولها ثلاث صور مشهورة فالصورة الأولى هو الحقوق المالية الثابتة بعقود كالودائع والقروض والإجارات ونحوها.

أو بدون عقود كاللقطة وما يجده الإنسان من أموال الناس الضائعة منهم، وبالتتبع تبين أن الأمانة قد إستعملها الفقهاء بمعنيين أحدهما بمعنى الشيء الذي يوجد عند الأمين وذلك يكون في العقد الذي تكون الأمانة فيه هي المقصد الأصلي وهو الوديعة وهي العين التي توضع عند شخص ليحفظها، فهي أخص من الأمانة فكل وديعة أمانة ولا عكس، وأيضا العقد الذي تكون الأمانة فيه ضمنا وليست أصلا بل تبعا كالإجارة والعارية والمضاربة والوكالة والشركة والرهن، وأيضا ما كانت بدون عقد كاللقطة وكما إذا ألقت الريح في دار أحد مال جاره وذلك ما يسمى بالأمانات الشرعية، ومن الأمانات هو أمانة حفظ أسرار الناس، وأمانة المسؤوليات والمناصب العامة والخاصة فهي أمانة يجب القيام فيها بالحق والعدل.

فمنصب الحكم أمانة ومنصب القضاء أمانة ومنصب المدير في أي مؤسسة أمانة ومسؤولية الأسرة أمانة وهكذا كل المسؤوليات والمناصب، وأن الواجب في الأمانات العامة والخاصة أن تحفظ وتؤدى على الوجه المطلوب شرعا ويحرم إضاعتها وخيانتها حيث قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون” وخيانة الأمانة علامة من علامات النفاق، نسأل الله العلي الأعلى أن يكون من العلم النافع والعمل الصالح، ونسأله سبحانه الثبات على دينه وشريعته، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته، ووالدينا أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى