منوعات

رحمة الله عز وجل

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على نعمة الإسلام وكفي بها نعمة، وأحمد الله واشكره، فإليه المرجع وإليه المآب، واشهد أن لا إله إلا هو، ولقد جعل الله النهار والليل آية لأولي الألباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد اتقوا الله ربكم حق تقاته، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم، واعبدوا واحمدوا الله، واعرفوا قدر النعم التي أنعمها الله عليكم، واحمده على منه عليكم بمواسم الخيرات والتي تتكرر كل عام، وتوبوا لله توبة نصوحا، ولا تموتن إلا وأنتم مؤمنون ثم أما بعد إن رحمة الله من طلبها وجدها ومن أخذ بمفاتيحها نالها في أي مكان وفي أي حال، فقد وجدها الخليل إبراهيم عليه السلام في النار، ووجدها نبي الله يوسف عليه السلام في الجُب، كما وجدها في السجن، ووجدها نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث.

ووجدها موسى عليه السلام في اليمّ وهو طفل رضيع مجرّد من كل قوة ومن كل حراسة ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور، ووجدها رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، والقوم يتعقبونهم قائلا “لا تحزن إن الله معنا” وقيل أن هناك أم مسنة تقص حكايتها الأليمة في عقوق ولدها لها فتقول لقد توفي والده بسكتة قلبية ومعي ولد يبلغ من العمر عشر سنوات تقريبا وأنا مصابة بعدد من الأمراض المزمنة وهو الآن يسكن مع زوجته في الدور العلوي، إنه يهينني كلما نزل ومرّ بي، وينهال علي بأبشع السباب والشتائم وكلما تشاجر أخوه الصغير اليتيم مع ولده أخذ يهلك أخاه ضربا في غاية القسوة وأنا لا أستطيع الدفاع عنه لشدة مرضي ولكبر سني ولا يكتفي بهذا بل يمسك أخاه من يديه ليمكن ولده منه فيرهقه ضربا وركلا.

حتى يبرّد ما في خاطره ويترك أخاه يذوق منه مرارة القهر والحرمان بدلا من الحنان والأخوة، بل إنه يمر عليّ أحيانا وقد غطى وجهه عني حتى لا يراني ويقول لي بكل جفاء أنتي لستي أمي ويتبعها بما لا يقوله من في قلبه شيء من رحمة أو رأفة وإنه ليفعل ويفعل، فتقول المرأة أنها قامت بالشكوي من ابنها إلي رجل حكيم، فبدأ يعرض عليها أن يقدم نصيحته له لعله أن يفيق من غفلته، فقالت له بكل خوف لا، لا تكلمه أخشى أن يؤذيني ويؤذي أخاه، وما بي حيلة عليه وعلى قوته وبطشه، وطالت الشكوى بألوان من القسوة والغلظة فلم يحتمل الرجل، فقال لها إذن أرفع أمره إلى القضاء فعلا صوتها قائلة تقول قضاء، أشتكي على نور عيني، أشتكي من ربيته بيدي، وسقيته من صدري ؟ إنه حبيبي، إنه ولدي حشاشة فؤادي، فهل أرضى عليه بالخزي والفضيحة.

إنما أرفع أمره إلى الرحمن الرحيم أن يهدي قلبه ويصلح شأنه، فيقول الرجل فعرفت أنها آهة مكلومة أرادت أن تنفس بها صدرها وتخفف عنها ثقلها، لا إله إلا الله فكم للأم من قلب حنون وصدر رحيم، فيقول الرجل لقد علمت من حاله بعد ذلك بأنه يعيش مع نفسه مشدود الأعصاب مضطرب الأحوال ولا غرابة، فقد ضل عن سبيل حديقة البر الهانئة وإبتغى بدلها قفر الشقاوة وصحراء العقوق، فلنتعظ بغيرنا، فالسعيد من وعظ بغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى