د.أيمن صابر سعيد يكتب: إمام القراءة والإقراء في دمشق الشام

ولد عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي في بلدة رحاب من بلاد البلقاء سنة 8هـ، وتوفي سنة 118هـ، في دمشق، يكنى بأبي عمران، وهو أحد القراء السبعة أو العشرة، انتهت إليه مشيخة الإقراء في دمشق، يروي عنه راويان بسند هما: هشام، وابن ذكوان.
كان – رحمه الله- عالمًا كبيرًا ثقة ورعًا فصيحًا، وهو أحد التابعين، أمَّ المسلمين بالجامع الأموي سنين كثيرة، في ظل خلافة عمر بن عبد العزيز، جمع بين الإمامة والقضاء ورئاسة الإقراء.
وقد جاء في “حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع” قول الشاطبي:
وأما دمشق الشام دار ابن عامر
فتلك بعبد الله طابت محللا
هشام وعبد الله وهو انتسابه
لذكوان بالإسناد عنه تنقلا
وقد جاء في متن “طيبة النشر في القراءات العشر” قول ابن الجَزَري:
ثم ابن عامر الدمشقي بسند
عنه هشام وابن ذكوان ورد
من انفرادات ابن عامر الشامي:
قال تعالى: “قولوا حطة تُغفَر لكم خطاياكم” تغفر: بتاء مضمومة مع فتح الفاء- “ما نُنسِخ من آية أو ننسها”، ننسخ: بضم النون وكسر السين- “إن الله واسع عليم قالوا اتخذ” بحذف واو “وقالوا”- “ولكل وجهة هو مولاها” مولاها: بفتح اللام وألف بدل الياء- “ولو ترى الذين ظلموا إذ يُرون العذاب” يرون: بضم الياء-
“بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين” منزلين: بتشديد الزاي- “إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون” فيكون: بنصب النون- “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا” قتلوا: بتشديد التاء- “بالبينات وبالزبر والكتاب المنير” بالزبر: بزيادة باء الجر- “وما فعلوه إلا قليلا منهم” قليلا: بالنصب-
“أفحكم الجاهلية تبغون” تبغون: بتاء الخطاب- “جعل الله البيت الحرام قيما” قيما: بغير ألف بعد الياء- “يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين” برفع نكذب ونصب نكون- “ولدار الآخرة خير للذين” بلام واحدة والإضافة- “ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغُدْوَة”- “دابة الأرض تأكل منسأته” منسأته بالهمز- “وإن الياس لمن المرسلين” الياس: بهمزة وصل-
“قل أفغير الله تأمرونني أعبد الله أيها الجاهلون” تأمرونني: بزيادة نون والتخفيف- “كانوا هم أشد منكم قوة وآثارا في الأرض” منكم بالكاف- “والحبَّ ذا العصف والريحانَ” بالنصب- “تبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام” ذو بالرفع- “وكل وعد الله الحسنى” كل بالرفع- “ويوم القيامة يفصل بينكم” يفصل بضم الياء وتشديد الصاد- “هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم”- تنجيكم: بفتح النون وتشديد الجيم.
من أوجه الاختلاف بين هشام وابن ذكوان:
لهشام منهج في الوقف على الهمزة المتطرفة، أما ابن ذكوان فيقف كحفص.
(ءأنذرتهم) لهشام تسهيل الهمزة الثانية أو تحقيقها مع الإدخال، أما ابن ذكوان كحفص تحقيق بلا إدخال.
(قيل- غيض- جي) الإشمام لهشام (في كسرها الضم)، وابن ذكوان كحفص.
(شاء- جاء…) لابن ذكوان إمالة فتحة الشين/ الجيم والألف، وهشام كحفص.
أدغم ابن هشام (ذال إذ) في الحروف الستة، أما ابن ذكوان فأدغمها في حرف الدال فقط بخلف عنه.
أدغم هشام (دال قد) في الحروف الثمانية، وأدغم ابن ذكوان في أربعة حروف فقط من الثمانية هي (ذ/ ز/ ض/ ظ).
أمال ابن ذكوان فتحة الراء والألف في (التوراة) حيث أتت، أما هشام كحفص.
نصائح ابن الجزري لحامل القرآن
من نصائح ابن الجزري في طيبة النشر لحامل القرآن وواجباته وصفاته وارتباطه به قوله:
فليحرص السعيد في تحصيله
ولا يمل قط من ترتيله
وليجتهد فيه وفي تصحيحه
على الذي نقل من صحيحه
الدعاء بعد الختم:
ومن المأثور أن الدعاء مستجاب بعد الانتهاء من الختمة، سواء حُققت في الدنيا أو ادخرت للآخرة، وهناك آداب كثيرة في الدعاء منها؛ الإخلاص، وأكل الحلال، والوضوء، واستقبال القبلة، والجثو على الركب، ورفع الأيدي، وورد الدعاء قيامًا أو سجودًا بعد الختم، مع الخضوع والخشوع والتذلل لملك الملوك، والتكرار والإلحاح في الدعاء، والثناء على الله بما هو أهله، والصلاة على النبي قبل الدعاء وبعده؛ حيث ورد «إن ربكم حي كريم يستحي عن عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفراء»، وفي هذا الشأن قال الناظم في طيبته:
وادع وأنت موقن الإجابهْ
دعوة من يختم مستجابهْ
وليُعتنى بأدب الدعاء
ولترفع الأيدي إلى السماء
وليمسح الوجه بها والحمد
مع الصلاة قبله وبعد