منوعات

د أيمن صابر سعيد يكتب: الإمام الثالث في القراءة والإقراء في الكوفة

 

أَبو الحسن علي بن حمزة بن عبد اَلله الأسدِي الكسائي الكوفي، ولد الكسائي في إحدى قرى الكوفة سنة 119هـ، فارسي الأصل، أسدي الولاء، وتوفي سنة 189هـ، وكان في صحبة الرشيد ببلاد الري، وقد دفن بها، وكان إمام الكوفيين في اللغة والنحو، وسابع القراء السبعة، انتهت إلية رئاسة القراءة والإقراء في الكوفة بعد حمزة الزيات، ويعد المؤسس الحقيقي للمدرسة الكوفية في النحو.

أما  سبب تسميته” الكسائي” فيعود إلى  أنه كان يحضر مجلس حمزة بالليل ملتفًا في كساء، ، وقيل لأنه أحرم في كساء فلقب “الكسائي”، وأثنى عليه الشافعي في النحو، وقال ابن الأنباري :كان أعلم الناس بالنحو والعربية والقراءات، وكانوا يكثرون عليه في القراءات، فجمعهم وجلس على كرسي، وتلا القرآن من أوله إلى آخره، وهم يستمعون ويضبطون عنه حتى الوقف والابتداء.

قال الكسائي: صليت يومًا بالرشيد فأعجبتني قراءتي، فغلطت غلطة ما غلطها صبي، أردت أن أقول “لعلهم يرجعون”، فقلت: “لعلهم ترجعين”، فما تجاسر الرشيد أن يردها، فلما سلمت قال: أي لغة هذه؟ فقلت: إن الجواد قد يعثر، فقال: أما هذا فنعم.

وقد ذكر الخطيب البغدادي قوله: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فقال لي: أنت الكسائي؟ فقلت: نعم يا رسول الله، قال: اقرأ. فقلت: وما اقرأ يا رسول الله؟ قال: اقرأ “والصافات صفا”، قال: فقرأت “والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا إن إلهكم لواحد” فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده كتفي، وقال: لأباهين بك الملائكة غدًا.

وقد حكا تلميذه أبو مسحل الأعرابي فقال: رأيت ىالكسائي في النوم كأن وجهه البدر فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بالقآن. فقلت: ما فعل بحمزة الزيات؟ قال: ذاك في عليين ما نراه إلا كما يرى الكوكب الدري. ويروي عنه راويان هما: أبو الحارث، والدوري.

 

قالوا عن الكسائي

 

قال عنه الشاطبي في متن “حرز الأماني ووجه التهاني”:

وأما عليٌّ فالكسائي نعته

لما كان في الإحرام فيه تسربلا

روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا

وحفص هو الدوري وفي الذكر قد خلا

وقال ابن الجزري عنه وعن راوييه في “طيبة النشر”:

ثم الكسائي الفتى علي

عنه أبو الحارث والدوري

 

 

ومن انفرادات الكسائي:

 

قال تعالى: “وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال” لتزول: بفتح اللام الأولى وضم الثانية، “والله أخرجكم من بطون إمهاتكم”، “أو بيوت آبائكم أو بيوت إمهاتكم”، “يخلقكم في بطون إمهاتكم”، “وإذ أنتم أجنة في بطون إمهاتكم” إمهاتكم: بكسر الهمزة وفتح الميم، “فإذا جاء وعد الآخرة لنسوأ وجوهكم” لنسوأ بالنون ونصب الهمزة،

“قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات”، علمتُ بضم التاء، “ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي” فيحل بضم الحاء، “ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى” يحلل بضم اللام الأولى، “فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم” جذاذا بكسر الجيم، “والذين يرمون المحصنات” المحصنات بكسر الصاد، “قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين” نعم بكسر العين، “علام الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة” يعزب بكسر الزاي،

“ذق أنك أنت العزيز الكريم” أنك بفتح الهمزة، “فأخذتهم الصعقة وهو ينظرون” الصعقة بدلا من الصاعقة، “لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان” يطمثهمن بضم الميم، “عرف بعضه وأعرض عن بعض” عرف بتخفيف الراء، “فسيعلمون من هو في ضلال مبين” فسيعلمون بياء الغيب، “يعرج الملائكة والروح إليه” يعرج بياء الغيب، “لا يسمعون لغوا ولا كذابا” كذابا بتخفيف الذال،

“ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” خاتمه بفتح الخاء ومدها وفتح التاء، “والذي قدر فهدى” قدر بتخفيف الدال.

 

مميزات قراءة الكسائي

 

من أبرز مميزات قراءة الكسائي في القراءات العشر الصغرى إمالة هاء التأنيث والحرف الذي قبلها وقفا، وهو اختيار الداني والشاطبي ولبن الجزري وغيرهم، وهناك قول ثان بأن الإمالة لا تكون إلا في الحرف الذي قبل هاء التانيث؛ ويميل الكسائي ماقبل هاء التأنيث إذا وقع قبل الهاء أحد حروف (فجثت زينب لذود شمس)،

وكذلك إذا وقع قبلها أحد حروف (أكهر) بشرط أن يسبقها ياء ساكنة أو كسر أو ساكن قبل كسر، ولا يميل حروف (خص ضغط قظ حاع)، وهناك رأي آخر أن الإمالة تكون في جميع الحروف الهجائية الواقعة قبل هاء التانيث عدا الألف.

من الاختلافات البارزة بين رواية أبي الحارث ورواية الدوري: (كافرين/ الكافرين/ النارِ/ نارِ/ النهارِ/ نهارِ/ آثارهم/ آذانهم/ يسارعون/ الجوار/ صبار/ أدبارها/ طغيانهم/ محياي/ دارهم/ الغار/ الأنصار/ مثواي/ الدار/ جبار/ البوار….) الإمالة للدوري.

وقد جاء في نهاية مقدمة متن الشاطبية المسمى “حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع”:

وبالله حولي واعتصامي وقوتي

وما لي إلا ستره متجللا

فيا رب أنت حسبي وعدتي

عليك اعتمادي ضارعا متوكلا

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى