اخبار عالمية

حرب لا نهاية محددة لها في الأفق: حافة الهاوية بالنسبة لإسرائيل؟

الكاتب: مصطفى نصار  
قبيل الحرب المشتعلة حاليًا بين إيران و إسرائيل ، كان من المفترض أن تكمل الولايات المتحدة إكمال المفاوضات مع إيران حول الأسس المطلوبة من إيران لتنفيذ لإرضاء الغرب بصورة ما لإكمال مشروعها النووي السلمي الذي طالما قوبل برفض غربي و دولي قوي ، و السبب إسرائيل التي لا تود أن تمتلك لقوة أخرى امتلاك قوة نووية في الشرق الأوسط، فمارس ترامب لعبته الخبيثة و الحقيرة بتشديد القسوة و نبرة الابتعاد عن المفاوضات،  و خاصة بعد جولته الأخيرة في الخليج العرب.

ففي السياق ذاته ، وفقت إيران على اتفاقية ردع استخدام الأسلحة النووية في عهد أوباما في٢٠١٥ ، مع إصدار فتوى محرمة من المرشد الأعلى خامنئي لسببين أولهما طمأنة للغرب و المجتمع الدولي بعدم الإقدام على خطوة ستهدد الكيان الإسرائيلي بشكل مباشر ، مشكلًا منافسًا مباشرًا له في الشرق الأوسط ، فلهذا أظهر ترامب عداءً واضحًا لها مع خروجه من البرنامج النووي بمنتهى الغرابة التي لا تمت للدبلوماسية بصلة ، مع انهيار كامل لفكرة التفاوض معه لقتله أهم رجال إيران بقصف صاروخي في العراق عام 2020 في أول أسبوع به ، لكن الطوفان غير حسابات الإرادة الأمريكية بخبث و مكر تجاهها  عبر عنها المستشار السياسي لخامنئي نفسه كمال خزراجي ” بأن سبيل لتغيير عقيدتنا النووية “.

بدأ هذه السلسلة مع الإجراءات الغشيمة و المناهضة لإكمال مفاوضات البرنامج النووي بمحاولة تهديدات أطلقها بايدن مع الطوفان و عقبه بمحاولة السير في فرض و تغليظ العقوبات عليه ، حتى مجيء الرئيس المجنون مرة أخرى ، فسار مع إيران في 4 جولات تفاوضية من غرضها ” منح و إعطاء بحرية ” الكيان فرصة لتجهيز ضربته الاستباقية  و لعل هذا ما أكده د حسين سيد موازفين منسق برنامج البرنامج النووي و الأمن الدولي في مقال يحث في على صفقة تتجنب الحرب بها ” صفقة يربح فيها الطرفان معًا”.

ففي السياق ذاته ، وفقت إيران على اتفاقية ردع استخدام الأسلحة النووية في عهد أوباما في٢٠١٥ ، مع إصدار فتوى محرمة من المرشد الأعلى خامنئي لسببين أولهما طمأنة للغرب و المجتمع الدولي بعدم صن.

ففي تقرير نيويورك تايمز ،يؤكد الصحفيان المخضرمان روجان رونين و أريك شميت برفقة صحفيين آخرين عن الشقاق حول تنفيذ إسرائيل لتلك الضربة القاسمة و القوية حيث اعترض نائب ترامب جي دي فانس و كذلك ماركو روبير وزير الخارجية الأمريكي ، بينما وافقت عليها تولسي غابارد رئيسية المخابرات الأمريكية و كذلك مستشار الأمن القومي ، لكن هذا الخلاف الحاد فصل فيه و احتدم القرار بعد مكالمة ترامب مع نتنياهو.

فتلك المكالمة الطويلة هي التي جعلت ترامب ينقلب عليها في الجولة السادسة في أوجها ، مفرغًا السفارات  و مخليًا للقواعد العسكرية جزئيًا ، تاركًا نتنياهو يهاجم إيران بمنتهى الأريحية محدثًا ضررًا و ألمًا كبيرًا في صف القادة العسكريين الأساسين ، و بعض من أهم علماء الذرة الإيرانيين في محاولة  منه لإسقاط النظام هناك ، بمعرفة كاملة لزعزعة وتيرة سير العمل في البرنامج النووي ، بعبارة أخرى قام ترامب و نتنياهو بخطة خداع استراتيجي كبرى بالفعل ، مع اختراق الضربات الإيرانية حدود العنان و قلبها لليل الاحتلال لسماء مشعة و دم مسكوب.

ليال دموية و خسائر فادحة : الدك الإيراني على الكيان يخترق كافة أراضي الاحتلال

دكت إيران في مجمل ليلتين مواقع استراتيجية حيوية و هامة مثل مصافي الغاز و مخازن الوقود و مبني وزارة الدفاع الإسرائيلي ، غير عدة أهداف ذات جدوى كبيرة مثل يات  يام و رتسمان ليستون ، مخلفين بالضربات الصاروخية بالفرط صوتي و البلاستي عدد 10 قتلى و 400 مصاب كما أعلن حتى الآن من مواقع و صحف عديدة مثل حدشوت بزيمان و معاريف و هآرتس فضلًا عن تل أبيب الكبرى في قلب الاحتلال النابض.

عطفًا على ما سبق ، قذفت إيران أيضًا مركز وايزمان للأبحاث ، و الذي يضم العديد من المجالات البحثية من زراعة و كيمياء و فيزياء و علوم استراتيجية،  ولا يدخل المعهد التاريخي إلا حاملو الجنسية الإسرائيلية فقط ، باعتبار المعهد يمهد للتجنيد في مراكز استخباراتية حيوية ، و أجهزة حساسة مثل الموساد ، و يحظى بدعم مالي قوي من المنظمات الصهيونية،  و اللوبيات مقدمًا للموساد و وزارة الحرب و الأمن القومي خدمات عسكرية و لوجستية  فضلًا عن كونه أقدم المؤسسات العلمية في الاحتلال قبيل نشأته بالنكبة بعقد و ٤ سنوات في عام ١٩٣٤ ، فهو بذلك أحد الأعمدة العلمية الحقيقة في الكيان المحتل ، ما دعا لتعطيل الدراسة به.

 
أما بالنسبة لمعادلة الردع ، فقد هزت بقوة جراء الخدعة الكبرى بتغيير معاد الإطلاق اليوم من الليل للنهار ، و بدء العمليات العسكرية في البداية ببرود و بهتان كبير ، فما إن هدأت الأجواء للصهاينة ، حتى أمطرت عليهم صواريخ إيران الكثيفة ، و المركزة حتى أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي حالة الطوارئ ، مع توجيه النصح للسكان و المستوطنين بالبقاء تحت الأرض في ملاجيء الإيواء فكانت الهجمات حارة و ملتهبة مع تعاون اليمن و العراق بقصف مسيرات و صواريخ ، ما دمر أمن الاحتلال و جعله مثل أنقاض غزة الحبيبة ، و جعل الحياة جحيمًا منصهرًا و عذابًا عليهم.

و لم تكتف إيران بتلك الهجمات المكثفة فحسب ، حيث ضربت و أسقطت العديد من الصواريخ و المسيرات الأمريكية،  و قامت باتباع استراتيجية الإيهام العسكري التي تنطوي على فكرة التمويه و التشديد الشاملة الموزعة في كافة الأماكن ، ما أدى لفشل منظمات و منظومات الردع الاستراتيجية في الكيان مثل ثاد و مقلاع داوود و القبة الحديدية ، لعل هذه الضربات جعلت العديد من المحللين العسكرين المخضرمين مثل آفي أشكانزي و يستحق بريك و يوأف زيتون أن يتوقعوا بأن تلك الهجمات “العنيفة” تقضي على الكثير من البنية التحتية،  مع كونها “لا شيء “مقارنة بالهجمات المقبلة و المستقبلية المتوقع فيها بضربات أشد وطأة و شدة.

في الحقيقة، واجهت إيران إسرائيل في مواقع حيوية و أماكن حساسة ، بجانب الدعم الدبلوماسي من الصين و باكستان بمنتهى الوضوح و المباشرة بقوة حقيقة ، فرجعت الدولة اللقيطة ليخرج للحديث عن المفاوضات اللازمة مع تأكيد ترامب رغبته الحقيقة و الصادقة “في أن لابد أن يكون هناك صفقة جديدة “، وسط عدة تساؤلات حيال اتجاه الحرب و مآلاتها القوية التي ستغيير وجه الشرق الأوسط بطريقة جذرية و دراماتكي بعد انتهاء تلك الضربات العسكرية ، غير مصير البرنامج النووي الذي قد يتحول من مجرد برنامج سلمي ، لقنابل و رؤوس نووية ما يمثل صفحة مخيفة للكيان الإسرائيلي ، أو حافة الهاوية .
 
 
الحرب المفتوحة و شرق أوسط جديد: السيناريوهات المفتوحة للحرب الإيرانية الإسرائيلية
 
سياسيًا ، تعد هذه الحرب الأوسع نطاقًا ، و الأطول بين إيران و الكيان على كافة المستويات، فإن بدايتها لن تكون كنهايتها لإنها ستمثل مقدمة جديدة للشرق الأوسط الجديد بصورة الانصهار و الذوبان عبر تقليص سمعة الكيان الإسرائيلي، غير تكوين حلفاء جدد و زيادة الاستقطاب ما يفتح الباب لعدة احتمالات جميعها مدوي و عميق فضلًا عن وجود إرهاصات لانهيار حكومات عربية ، و الحكومة اليمنية الإسرائيلية نفسها ، لا لشيء لكن إيران مثلما يشير تقريران لوانشطن بوست و فاينشال تايمز أعده جون بول ، و كلوفر هولمز أن مقدار الأسلحة الإيرانية سهل إحصاءه لكن يصعب “القضاء عليه “بالكلية .
 
و هذه الملاحظة المشار لها أثناء زيادة ترامب الأخيرة للخليج ، و التي اعتبرها محللين كثر نكاية في إيران لإن ترامب أرسى بقوة قواعد الإمبريالية النفطية ، غير تجاهله للمفاوضات المعقودة وقتها أو تصعيد اللهجة السياسة تجاهها ما أعده البعض كالمحلل الاسترالي ذا الأصول الإيراني شرام أكبرزاده الذي أكد في مقال له “أن ترامب لم يحقق مرجوه من المفاوضات “، لتكتمل الإجراءات الهوجاء بالضربة الأولى من إسرائيل لإيران ، بتأثيرات جيوسياسية خطرة قد تصل لقصف الخليج أو القواعد الأمريكية بداخله في كل دولة .
 
 
و تتمدد التأثيرات لتصل لأسعار الأسلحة و الصناعات العسكرية و أسعار النفط و الذهب عالميًا لما شهده من ارتفاعات ممتدة تتراوح من ١٢:١٧% ، مع ارتفاعات متتالية في مختلف أسعار السلع الأساسية من غذاء و دواء مع تضرر طفيف في التجارة الدولية نظرًا لإغلاق قناة السويس من ناحية باب المندب ، فضلًا عن حركات الملاحة البحرية و الجوية التي ستتفادى أي رحلات تمر بالمنطقة ما يشكل تهديدًا قويًا للسياحة و الاستثمارات ، أي أن الاقتصاد العربي كله سيشهد هزات عنيفة من شأنها زيادة معدلات الفقر و البطالة مع موجات الأسعار في الخدمات الأساسية من مواصلات عامة و تعليم أكاديمي و غيره .
 
غير ذلك ، فإن تأثيرات المنطقة لن يتوقف عند دولة بعينها ، فيشمل جميع الدول العربية بقدر كبير أو معقول ، على رأسها تلوث الهواء من آثار الإشعاعات النووية حال حدوث ضرر ملحوظ في المفاعلات النووية مثل نظتز و فوردود و بوشهار ، فضلًا عن تلوث المياه في الخليج ما قد يؤدي لتسمم ١٨ مليون إنسان بحسب رئيس الوزراء القطري لإن النظائر النووية لها وقت طويل عند ذهاب آثارها المرعبة التي ستسغرق من ٣ أيام لأسبوع حتى تنشر في هواء العالم العربي والإسلامي كافة ، ما قد يسبب أمراض فتاكة مثل سرطان الرئة و كذلك سرطانات الحلق .
 
في الختام ، ما ستخلفه هذه الحرب من آثار إيجابية أو خطيرة سيتصل بما أسماه أستاذ السياسة في جامعة هارفارد ريتشارد نيفو بالمهيمن على المنطقة المنكوبة، بعودة إيران للمفاوضات بمظهر المنتصر القوي و ليس المهزوم المدحور كما حالة الكيان الإسرائيلي المزرية ، و يدفعه لحرب لا نهائية مع إيران ستدفعها لاتخاذ خطوات كبيرة وواسعة باتجاه إتمام القنبلة النووية و بناء معادلة جديدة بالرؤوس النووية التي قد تكسر احتكار الكيان للقوة النووية، و كارت ضغط قوي ضد أي دولة في الغرب و الشرق مخافة لغدرهم الكبير و خبثهم الواسع الذي عاقبها طيلة ٤٠ عامًا ، دافعين الكيان لحافة الهاوية السحيقة .
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى