اخبار عالمية

تصدر صقور الصهيونية و الأرباح :نحو تشكل ملامح إدارة زلزلية حيال الجميع

الصقور في الواجهة :كشف واضح لعقلية ترامب الربحية و الانتقامية التوسعية عبر فترته الأولى

كتب: مصطفى نصار
ليس هناك جملة تعبر عن فوز الرئيس الأمريكي أكبر من جملة كاملا هاريس التي قالتها بكل أسى ملحوظ “ما من شيء يقال اليوم لإنهاء الانتخابات بخيبة أمل كاليوم “يوم الاثنين ٥ نوفمبر من العام الجاري .
 
و تتعد الأسباب لتلك خيبة الأمل بحق لانتهاج منهج غير مألوف المعالم منذ ولايته السابقة التي امتددت بعمق في جذور السياسة  و الاقتصاد الأمريكي التي سيطر عليه ما يعرف باسم سياسة العزلة و الرفاه ، و هي سياسة فاشلة عند تطبيقها بعقلية الرابح ، و رجل الأعمال لإن تتحول لآلية النهب الممثلة في الشركات و المصانع ، متطبقًا بسياسة رفع الأجور و زيادة الديون على الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة لتعيين من هم مواليين له بالقدر الأول منفذين أوامره و تعليماته المفصلة بالحرف الواحد .
 
نتيجة تطبيق تلك السياسة، بلغ الحنق و الغضب لتغيير مستشارين الأمن القومي من جاك بلاك لبولتون لأكيس ريتزر و كذلك في وزراء الخارجية من تيرلسون ، لجون بولتون ، لمارك بويبمو مسبب لهم الفضائح بعكس بعض الدول الآخرى مثل ألمانيا و بريطانيا مثل توني بلير و أنجيلا ماركيل ، لكن وقاحة ترامب رادع كافي و سياسيته مقدسة و معصومة من الخطأ ، وصولًا لقرار من نانسي بيلوسي في مشهد معروف في ٢٠١٩ بتقطيع خطابه اعتراضًا على عقليته المرضية و المؤامرتية التي وصلت لمكافحة مضحكة و مثيرة للسخرية تجاه فيروس كورونا ، و لذلك يعتبره المحللون السياسيون مثل المحافظين ستفين والت في مقال له على صحفية فيورن أفيرز بأنه إحدى العوامل الممنوحة لبايدن على طبق من ذهب ، مع تشابه نظرته للسياسة الخارجية بنظرية الصفقات الرابحة .
 
كما أن المحلل السياسي و الصحفي رافا أجمال أجمل تلك السياسة بتداعياتها في مقولة مكثفة يقول فيها ” تنتهج سياسة ترامب طرق في قمة الغرابة و الوضوح أكثر فيها من هنري كسيجنير “، مقارنًا إياه بثعلب الخارجية صاحب الجولات الصريح و منتهج سياسة الأيدي القذرة في كل دولة تطأها قدمه ، من مصر مرورًا بسوريا لفيتنام .
 
و غير إعلان ترامب سياسته المعدية للصين ، عبر عديد من الإجراءات الصارمة و التجارية منها رفع الجمارك على المنتجات الصينية مثل الأجهزة الإلكترونية و الرقائق حتى انخفض إنتاجه للنصف ، و لعل هذا ما أجبر شركة هواوي للأجهزة المحمولة للخروج شبه الكامل من السوق الأمريكي ، ردًا على السياسة الرخوة و العقابية السابقة . 

و لم يتوقف الرئيس الأمريكي آنذاك حتى أجبر الصين على التحدث رسميًا، في صحفية الشعب الرسمية عام ٢٠١٩م معتقدًا أن ذلك أسلم و أصح سبيل لسحق العدو التجاري للصين ، و منها للفوز بالحرب التجارية .

و في المقابل ، أظهر ميلًا واضحًا للحفاظ على قيم الأسرة التقليدية ، مانعًا تدريس المواد الدراسية ذات الميول المتطرفة و المندرجة في كتب الصفوف الابتدائية الأولى حتى الإعدادية في الولايات التي يحكمها عمدة جمهوري  ، و تإكيده لسياسة العزلة و الأمريكي الأصيل ذا العرق الأبيض ، عبر عنصرية واضحة و بناء السور الشهير بينه و بين المكسيك لمنع تدفق المهاجرين من الحدود ، برغم تحقيقهم لما يقارب ثلث العمالة من الإجمالي في أمريكا !.
 
و بالطبع حقق ترامب انجازات للصهيونية لم يتحقق منذ أيام بوش و جيمي كارتر ، فنقل بكل صفاقة منحطة ملكية الجولان لإسرائيل  ، و نقل السفارة الأمريكية للقدس بدلًا من تل أبيب ، معترفًا بأنها أصبحت عاصمة أبدية لها . و لم يكف عن ذلك ، فقاد فطار التطبيع عبر اتفاقيات أبراهام سبتمبر ٢٠٢٠ ، بمشاركة ٤ دول جديدة  ؛المغرب الإمارات ، و البحرين ،  و دولة استحى ترامب أن يذكرها وقتها ، لكنه وعد أن يضمها حيال فوزه بولاية ثانية .

و من غير المتوقع تغيير السياسات الداخلية أو الخارجية بصورة عميقة في الفترة الثانية ، لإن كما يؤكد الفيلسوف السياسي أرنستو لاكلو العقل الشعبوي لا يتطور إلا للأسوأ .
 
إعادة تدوير الصقور و النزوح نحو الشعبوية :إسرائيل أولًا و تصاعد حرب الصين تجاريًا و اقتصاديًا.
 
منذ إعلان فوزه ، عين ترامب قائمة اقتراحات لشخصيات تنسجم بتناسق و موافقة ، مع بعض  التعارض و  التناقضات الجوهرية ، منهم اقتراحه لماركو روبيو و مايكل والتز و روبرت كيندي و سوزان ويلبارك ، مما قد يصعب إيجاد آلية حقيقية للتوافق حيال ملفات معقدة و حرجة كملف الشأن السوري و السوداني التي تتردد فيه الولايات باتخاذ قرار لأسباب تتعلق بتعدد الأطراف الداخلة في الشأنين و تعقيدهم منذ بداية اشتعال سواء الثورة السورية أو الحرب الأهلية السودانية منذ أبريل ٢٠٢٣م.
 
و رغم أنهم لا يستطيعون التدخل المباشر في سوريا و السودان ، فلجوئهم لعمل مشروع في مجلس الأمن مدخل لمحاولتهم لتغيير الوضع السوري و السوداني ، بحيث لا تقارب المكاسب الروسية في سوريا ولا السودان ، بل إن السودان أكثر تعقيدًا و إرباكًا لهم كونها لا تتمتع بحكم مباشر ، لعل ذلك ما جعلها تحاول إرسال مشاريع لمجلس الأمن  بضرورة إيجاد حل للأزمة السودانية ، فتعامل ترامب اختلف تمام الاختلاف عن بايدن في الأزمتين ، في مدى اتساقهم مع عدم اشعال نيران حرب لا ناقة لهم فيها ، مع اختلاف واضح التباين في صداقة ترامب الحميمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين .
 
يربط الباحث السياسي المرموق و المحلل راجا أجمال نقطة غريبة كذلك في اقتراحات ترادب للمناصب الرسمية ، و هي تأييدهم المطلق وولائهم الموازي مع أجندة ترامب اليمينة المتطرفة ، مع انتماء أغلبهم إن لم يكن كلهم لطائفتين المسيحية المتصهينة و المسيحية الإنجيلية ، و هما من أشد الحركات تطرفًا و تعصبًا ضد المسلمين و العرب و أكثر إيمانًا بعدالة القضية الإسرائيلية ، فعلى سبيل المثال المذيع المدلل و المتصهين لقناة فوكس نيوز بيت هيجسيت  المرشح لوزير الدفاع الذي ألف كتبين بعنوانين مثيرين للاستعجاب ، و هما محارب ضد المحاربين الذي ينقد فيه وزارة الدفاع و استراتيجتها ، و عداء عبر التاريخ الذي يناقش فيه ببساطة تاريخ مختلق وهمي بين الشرق الأوسط منذ سقوط الأندلس حتى حرب العراق ، فاشلًا في خوض أي تجربة حربية عسكرية حقيقية فانتهت تلك الإخفاقات لمجرد فشله في الترقي لمنصب أعلى من رتبة رائد ، و هو ما تماثل في انتخابه لمجلس النواب (الكونغرس).
 
و لا يختلف الأمر الحقيقي في حالة هيجسيت عن مثيله الأنثوي ، و هي ليا ستافنورك المشرحة لمندوب المتحدة في الأمم المتحدة التي طالبت بسحق معاداة الساميبن بجذرية تامة و أبدية نهائية ، و قوبلت باستهجان شديد و كره خاصة بعد استجوابها المهين لرؤساء جامعات هارفارد و بنسفليانيا  و ماستشاويش بطريقة تشبه رؤساء العصابات ، إلا أن نعمت شفيق فهمت الدرس مسيرة لهم في الاستجواب فانتهت بفضائح متتالية انتهاءً بالإجبار على الاستقالة بعد شكوى جماعية من الأستاذة .
 
و ثمة توقعات شبه جازمة بزيادة وتيرة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، و خاصة فيما يتعلق بوقف الحرب على غزة مقابل التطبيع مع السعودية ، و أوكرانيا مقابل التخلي عن أراضي لروسيا .

ما تحقق بالفعل حتى الآن دليل على التحقق الجزئي لتغيير المعطيات و وقائع السياسة الدولية ، لكن يزال هناك فترة انتقالية ما بين السلطتين تستغرق شهر و نصفه الشهر حتى معاد كتابة هذا التقرير ، مما ينبأ بالكثير من المفآجات المأساوية أو غير المرغوبة للجميع بما فيهم أوربا و الصين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى