
بقلم/آيات مصطفى أبوالحسن
استوقفتني خلال شهر أكتوبر الماضي إحتفالية كبيرة في صاحبة الجلالة “الصحافة المصرية” وهي مرور ١٠٠ عام علي صدور مجلة “روزاليوسف” والاحتفالية كانت بها لفيفا من أبرز، رجالات،ومشاهير الأدب، والكتابة، والسياسة، والصحافة،المهمين ،والكبار، الأمر الذي شدني للقراءة والبحث لمعرفة المزيد عن من هي الكاتبة الصحفية “روزاليوسف”أو فاطمة اليوسف،ولدت في بيروت، وتوفيت والدتها عند ولادتها، وبعد أن تركها والدها المسافر، تربت في أسرة مسيحية أطلقت عليها اسم “روز“، وجاءت الي مصر مع هذه الأسرة في عمر العاشرة، وعملت بالتمثيل في المسرح،ثم أسست مجلة “روز اليوسف” عام 1925 لتصبح رائدة العمل الصحفي في مصر.
المجلة في بدايتها اهتمت بالأدب والفن والسياسة لكنها بعد ذلك صارت مجلة سياسية بالدرجة الأولي، حيث، خاضت المجلة، صراعات ومواجهات مع الملك والإنجليز والحكومات المتعاقبةوقتها؛ ونافست أعظم و أكبر و أكثر الإصدارات الصحفية مبيعا كمؤسسة؛ الاهرام و تم محاربتها ،وتوقفت فترة، ثم نهضت من جديد، وقد عمل فيها مصطفى أمين وعلي أمين مؤسسي “اخبار اليوم“، وكتب فيها عباس محمود العقاد و نجيب محفوظ،و عائشة عبد الرحمن، التي عُرفت بأنها أول امرأة تُحاضر في الأزهر الشريف.
وصفها،مصطفى أمين، بالمعجزة، وأنها،صاحبة أكبر مجلة سياسية في البلاد العربية وقتها لم تكن تعرف كيف تكتب، وكان خطها أشبه بخط طفل صغير ومع ذلك كانت قارئة ممتازة وذواقة رائعة للأدب والشعر.
أشهر مقولتها.. تقول (روزاليوسف) في مجلتها «كلنا سنموت، ولكن هناك فرق بين شخص يموت وينتهي وشخص مثلي يموت ولكن يظل حيا بسيرته وتاريخه» . وهذه مقولة اعتمدها انا شخصيا في حياتي حيث نعيش الحياة مرة واحدة إما تكون أو لا تكون.
أحيانا الحياة و الأحداث التي نمر بها تأخذنا لمنعطف ومجري علي عكس و علي غير مانريده و ربما مانخطط له، ونتمناه ايضا، لذلك الذين يؤمنون بهذه الأحداث و التغيرات الفُجائية بأنها سطور عبثية لاقيمة و لافائدة منها هم الضالون و التائهون في ظلام الطُرقات و الوقوف عند نقطة الصفر دون ارتقاء وصعود .
أما الذين يجعلون مثل هذه التغيرات والأحداث الفُجائية تخدمهم وتسير في صالح وصلاح اهدافهم هم الفالحون و الناجحون و الناجون من الغرق في مُعترك الحياة ونوَات الابتلاء فيها.
وهذا ما فعلته “روزاليوسف” عند علمها واندهاشها بحقيقة تخلي أسرتها عنها حتي وإن هزها هذا بعض الشيء والوقت، عند اكتشاف امر تبنيها من أسرة غير أسرتها، لكنه لم يهزمها أو يؤخرها إنما جعلها مثل الطيور المهاجرة التي تطير مسافات و تقطع بحور ومحيطات الي أن تجد منها وفيها محطات آمنة تسكنها ليسبح ويحلق في سماء طبيعته و بيته وبيئته الجديدة.
روزاليوسف، حتي وان انصدمت واندهشت لماذا حدث ذلك، الا انها نهضت وعلت وارتقت و تخطت و عبرت الصعاب و الوقائع والظروف التي وُضعت فيها وثابرت و أصرت وحَلقت حتي وصلت وعلي ارض صلبة وقفت.
في نظري، العظماء والمبدعين، الأذكياء في مختلف المجالات هم من وظفو الحياة و ظروفها القاسية اي كانت الأحوال لطوعهم و خِدمتهم ؛ فكافأتهم بالبقاء و الاستمرار و الحضور رغم الغياب.
وهذا هو مفهوم الإرادة والاصرار و العناد في العمل لرائدة الصحافة العربية السيدة/روز اليوسف و“أم الصحفيين” كما تُلقب ايضا.
في النهايه انت ايقونة الإرادة،وصاحب القرار والسعادة و النجاح و صانعها، فأصنعها بنفسك لاتنتظر أحدا يصنعها لك.
















