منوعات

الهمة في إغتنام الوقت 

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله فتح بابه للطالبين وأظهر غناه للراغبين، وبسط يده للسائلين، قصدته الخلائق بحاجاتها فقضاها، وتوجهت له القلوب بلهفاتها فهداها، وضجت إليه أصوات ذوي الحاجات فسمعها، ووثقت بعفوه هفوات المذنبين فوسعها، وطمعت بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها، بابه الكريم مناخ الآمال ومحط الأوزار ، لا ملجأ للعباد إلا إليه ولا معتمد إلا عليه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فهدى الله به من الضلالة وبصر به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد هذا الإمام وهو الإمام ابن الجوزي.

الذي حكى لنا نموذجا مشرقا من حياة أحد شيوخه، وهو الإمام أبو الوفاء ابن عقيل، فقال وكان دائم الاشتغال بالعلم حتى إني رأيت بخطه، إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أعمل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين، ويذكر أن الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله مر بمقهى، فرأى روّاد المقهى وهم منهمكون في لعب الورق والطاولة وشرب المشروبات، ويمضون في ذلك الوقت الطويل فقال رحمه الله “لو كان الوقت يشترى لاشتريت من هؤلاء أوقاتهم” ولن يجد المؤمن المحب لله ورسوله حافزا أعظم من النظر في الكتاب والسنة.

وكيف تحدثا عن الوقت، وحسبنا في مقامنا هذا إشارات عابرة إلى حديث القرآن عن الوقت، وكيف أبدا فيه وأعاد، ونوّع الأسلوب والخطاب، ومن ذلك هو كثرة قسم الله تعالى بالوقت في مواضع متعددة، والعظيم سبحانه لا يقسم إلا بعظيم، وإرتباط العبادات جميعها بمواعيد ومواقيت محددة من قبل العزيز الحميد، مما يرفع من أهمية الوقت في حياة المسلم، وعلى رأس تلك العبادات الصلوات الخمس، وكذلك الزكاة في وقت محدد، والصيام في وقت محدد، والحج في وقت محدد، وكذلك الأذكار والنوافل التي يتعبد بها المسلم إلى ربه في كل صباح ومساء، بل في كل حين وعلى كل حال، ومن الأساليب الحافزة للهمة في إغتنام الوقت وهو الإشادة بحُفاظ الوقت، الذين عمروه بما ينبغي أن يكون.

ومن أساليب القرآن في التنويه بشأن الوقت أن الله تعالى بيّن أن هذه الحياة ليست لقضاء الوقت بشيء غير نافع، فاللهم يا حى يا قيوم ياذا الجلال والإكرام نسألك أن تنصر الإسلام وتعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين واخذل الشرك والمشركين، وأعلي بفضلك كلمة الحق والدين، واجعل الكلمة العليا لأمة سيد المرسلين، واجعلنا يا ربنا من ورثة جنة النعيم، اللهم اجعل عملنا كله صالحا، واجعله يا ربنا لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد غيرك فيه شيئا، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين، واغفر لنا ولهم أجمعين، اللهم انزع حب المعاصى من قلوبنا يا رب العالمين، ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى