منوعات

الميل عن طريق الحق والفضيلة

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 17 سبتمبر 2024

الحمد لله الذي نزّل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرا بصيرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فاللهم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن الإنحراف هو الميل والإعوجاج عن الصراط المستقيم وهذا الصراط المستقيم واحد لا ثاني له، وهو طريق الحق والفضيلة، هو الإلتزام بالقرآن والسنة، هو إتباع النبي صلى الله عليه وسلـم والصحابة والتابعين من بعده، وما دام الصراط المستقيم واحدا لا يتعدد، فإن كل ما عداه ضلال وانحراف، لذا قال الله سبحانه وتعالي ” وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون “

وقد شرح هذا وبينه بالمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا، فقال “هذا سبيل الله” ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال “وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه”، ثم تلا قول الحق سبحانه ” وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ” وإن من أسباب الإنحراف هو صديق السوء، وهل يعلم طرق الشر ويدل عليها كصديق السوء وكم عاصرنا من شباب إنحرفوا وسلكوا سبل الرذيلة وكان السبب المباشر هو صحبة السوء، وهذا أمر قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” رواه الحاكم، وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

“مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة” متفق عليه، وكما أيضا من أسباب الإنحراف هو إهمال الوالدين، فتجد الأم لاهية والأب مشغول، فالأم في مهام بيتها غارقة، والأب في أودية طلب الرزق تائه، فيترك الاثنان ولدهما كأنه يتيم، يتيم أبواه على قيد الحياة، فقيل ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلا، إن اليتيم هو الذي تلقى له أما تخلت أو أبا مشغولا، فإنه يعيش بلا توجيه، يعيش ولا يدله أحد على طريق الخير، يحيا بين أبوين يربيان جسده فقط، ويهملان قلبه وعقله وسلوكه حتى يكون الانحراف، وكما أيضا من أسباب الإنحراف هو الإعلام الفاسد.

وقد ذكرته في ذيل الأسباب مع أنه قد أصبح من أخطر أسباب الانحراف في عصرنا ليكون آخر ما تقرأ فلا تنساه بل تحذره، فإن جل الإعلام في بلاد العرب قد أصبح يهدم ولا يبني، يدعو إلى الرذيلة ويحقر الفضيلة، ولا أقول يحرض على الإنحراف، بل هو يعلم الانحراف ويدرسه ويقدسه ويعلي من قيمته ويجعله هو الأصل وما سواه استثناء ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم الأسباب بعد كثيرة معلومة مشهورة، ولأن هذه الظاهرة خطيرة جد خطيرة، فإنها تنخر في الجذور فتجف السيقان والأغصان وتتساقط الأوراق، وأنها تصيب الأطفال والشباب والكهول وتصيب الرجال والنساء والجميع على حد سواء.

وكما أن من أسباب الإنحراف هو ذنوب الخلوات وهي أصل الإنتكاسات، وهي سبب الحسرات يوم القيامة، فعن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا” قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا أن لا نكون منهم، ونحن لا نعلم، قال “أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها” رواه ابن ماجه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى