الكاتب الكبير أنيس منصور الذي اتجه للصحافة بالصدفة
الكاتب الكبير أنيس منصور الذي اتجه للصحافة بالصدفة

كتبت: سحر عبد الفتاح
أشتهر الكاتب الصحفي أنيس منصور. بكتاباته الفلسفية خفيفة الظل التي تتسم بالبساطة والعمق في آن واحد، منصور أديب مصري ومفكر، يري الأمور من زوايا مختلفة عن غيره، درس الفلسفة في كلية الآداب جامعة القاهرة، وحصل على ليسانس آداب عام 1947، وله نظرة فلسفية خاصة به في الحب والزواج والحياة
ولد أنيس منصور في 18 أغسطس 1924 في إحدى قرى محافظة الدقهلية ، حفظ القرآن الكريم وهو في سن التاسعة في كتاب القرية، وكتب العديد من الحكايات عن هذه الفترة في كتابه “عاشوا في حياتي”، كان يحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربي والأجنبي، وكان يجيد العديد من اللغات “الإنجليزية ، والفرنسية والألمانية ، والإيطالية، واللاتينية” وكان عاشقا للسفر والرحلات ، فساعدته مقوماته الأدبية واللغات المتنوعة التي يجيدها للاطلاع علي ثقافات وأداب وفنون ومسارح دول مختلفة ، كتب العديد من المؤلفات حول أسفاره وتميز في كتابة أدب الرحلات فكان له “حول العالم في 200 يوم، اليمن ذلك المجهول، أنت في اليابان وبلاد أخرى”..
ذكر منصور في إحدي حواراته انه عمل بالصحافة بمحض الصدفة ، وفي كثير من حواراته لم يعترف بإنه صحفي بل انه أديبا يعمل في الصحف، وقال انه قارئ وكاتب بطبعه فهو يخصص من الساعة الرابعة صباحاً الي العاشره صباحاً للقراءة والكتابة ، وبعد ذلك يقوم بمهامه الصحفية ، وبالرغم من انه كان عضواً في البرلمان المصري، وعضواً في حزب الدولة ايام مبارك، إلا انه كان يري انه ايس سياسيا بل انه مفكر سياسي ..
أدان بالفضل للكاتب كامل الشناوي ، وقال إن الشناوي صاحب الفضل عليه، وعلي كل جيله من الكتاب، فهو الراعي والحامي لهم وهو من أطلقهم نجوما تحلق في سماء الصحافة، وقال انه ينتسب الي مدرسة عبد الرحمن بدوي الوجودية ، ووصف جريدة أخبار اليوم انها جريدة تتبني المواهب، ومن خلالها أنطلق في كتاباته.
كان منصور محبأ للكاتب عباس محمود العقاد وكان حريصاً علي حضور الصالون الأدبي للعقاد لمدة عشرين عاماً وباستمرار حتي وفاة العقاد ، وكان للعقاد أثر كبير في نفسه ، والذي كان بالنسبة له بمثابة بوابة له على عوالم أخرى لم يعهدها من قبل، سجل كل ذلك في كتاب بعنوان “في صالون العقاد” وذكر مشاكل وقصص جيله، وقلقه، وخوفه، وآراءه في مواجهة جيل العمالقة من أمثال طه حسين، والعقاد، وتوفيق الحكيم، وسلامة موسى وغيرهم من أعلام الفكر والثقافة في مصر في ذلك الوقت..
بدأ الكاتب أنيس منصور في عالم الصحافة مع مؤسسة أخبار اليوم حيث انتقل إليها مع كامل الشناوي، وتتلمذ على يد مؤسسيها الأستاذين مصطفى وعلي أمين، ثم توجّه إلى مؤسسة الأهرام في مايو عام 1950 ثم ترأس مجلس إدارة دار المعارف، ثم أصدر مجلة الكواكب، تولّى منصب رئاسة تحرير مطبوعة وهو لم يكمل الثلاثين من عمره، عمل في مجلة اخر ساعة، وجريدة الأهرام، والهلال، حتى كلّفه الرئيس السادات بتأسيس مجلة أكتوبر في 31 أكتوبر 1976 وكان رئيساً لتحريرها ورئيساً لمجلس إدارة دار المعارف حتى سنة 1984. كان أنيس منصور الصحفي الأول للسادات بعد 1975 وكان صديقاً مقرباً له وكاتماً للأسرار، ويعلم الكثيرون أن ما في خزانة أنيس منصور من الأسرار والحوارات والوثائق والتسجيلات لا يقدّر بثمن ولم يكشف عنها لأسباب لم يفصح عنها حتى مات، ووصف عصر السادات بانه كان عصر حرية التعبير والرأي..
كتب منصور في جريدة الأهرام المقال اليومي الأكثر قراءة “مواقف” وكتب في صحيفة الشرق الأوسط، وترأّس تحرير العديد من المجلات منها: ” الجيل، هي، آخر ساعة، أكتوبر، العروة الوثقى، مايو، كاريكاتير، الكاتب”.
ترك منصور ما يقرب من مائتي كتاب تشكل في مجموعها مكتبة كاملة متكاملة من المعارف والعلوم والفنون والآداب والسياسة والصحافة والفلسفة والاجتماع والتاريخ والسياسة والمرأة، وكتب في مجلات متنوعة، وله العديد من المؤلفات التي تحوّل بعضها إلى أعمال درامية منها: “من الذي لا يحب فاطمة، حقنة بنج، اتنين..اتنين، عريس فاطمة، غاضبون وغاضبات، هي وغيرها، هي وعشاقها، العبقري، القلب بدأ يدق، يعود الماضي يعود”.. “آسف للإزعاج”، كما ترجم أكثر من تسعة مسرحيات بلغات مختلفة وحوالى خمسة روايات مترجمة، ونحو اثني عشر كتابا لفلاسفة أوروبيين، وأكثر من ثلاث عشر مسرحية باللغة العربية، ومن اعماله “الذين عادوا إلى السماء، إنها كرة الندم، الكبار يضحكون أيضا، دعوة للابتسام، من أول السطر، يا نور النبي، زي الفل ، كرسي على الشمال، وجع في قلب إسرائيل، الرئيس قال لي وقلت أيضا، أرواح وأشباح، يا صبر أيوب، اللهم إني سائح، الحب والفلوس والموت وأنا”.
حصل منصور علي العديد من الأوسمة والجوائز منها جائزة مبارك في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2001، حصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1981، جائزة الإبداع الفكري لدول العالم الثالث، عام 1981، وحصل علي جائزة الدولة التشجيعية من المجلس رعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1963..