الشاعر صلاح جاهين كان يكتب للثورة بدون تكليف من جمال عبد الناصر

كتبت: سحر عبد الفتاح
تهل علينا ذكري ميلاد الشاعر صلاح جاهين في الخامس والعشرين من هذا الشهر ميلاد الضاحك الباكي الذي استطاع بمهارة فائقة أن يخطف كل القلوب، عشق مصر فعشقته بكل ما فيها، اقترب من الأطفال وكتب لهم لأنه يحمل قلب طفلاً كبير، أهتم بالسياسة لانه مصري أصيل، خاض تجربة التمثيل من باب الفضول لولعه بالفن، ولأنه شاعر بالفطرة يفيض بداخله شلال يتدفق في كل حدث أو مناسبة بكلماته الشجية التي نسجت لن أجمل دراما وأغنيات، انتقد برسوماته الكاريكاتيرية كل ما يمر عليه من أحداث. والحديث عن جاهين شرحه يطول ولن تفي سطور للحديث عنه، لكن يكفي انه الغائب الحاضر حتى هذه الساعة، وما زالت أشعاره وفنه وكلماته تمثل لنا النسيم العليل والربيع الطويل، فهو قدم لنا البهجة والرقي، تغني العندليب بكلماته في أغنياته وتغنت الاطفال بأوبريتاته، أشتهر جاهين بإنه شاعر الثورة وأشتهر بشخصياته الكاريكاتورية مثل قيس وليلي، والفهامة و درش ، وقهوة النشاط..
ولد الشاعر الكبير صلاح جاهين في شارع جميل باشا بشبرا، في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1930، كان والده المستشار بهجت حلمي يعمل بالسلك القضائي لذلك أصر على أن يدرس صلاح جاهين الحقوق، لكنه لم يكمل دراسته فيها والتحق بكلية الفنون الجميلة دون علم والده، وعندما علم والده بالأمر صار وغضب لكنه رد على والده قائلا: سوف يأتي اليوم الذي ستفتخر بي فيه وبأن أبنك فنان وشاعر وبالفعل جاء هذا اليوم عندما كرمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومنحه وسام الفنون في عيد العلم عام 1965، وكان المستشار حلمي يقول للحاضرين “انا والد صلاح جاهين”.
عندما نذكر جمال عبد الناصر لابد أن نذكر عمق العلاقة النفسية التي جمعت جاهين به والعلاقة الفنية التي جمعته بالمطرب الكبير عبد الحليم حافظ، حيث تغني الاثنان معاً لمصر و الثورة، فقد كان يري جاهين في ناصر انه البطل الذي كانت تنتظره مصر، فهو كان يكتب من تلقاء نفسه أشعارا وطنية للثورة ولم يكلفه جمال بأن ينظم شعراً للثورة، فهو كان يكتب بدون تكليف، فغني عبد الحليم أجمل الكلمات الجاهين وشاركهما في الأعمال الملحن كمال الطويل، ونذكر من تلك الأغاني “إحنا الشعب” “بالأحضان يا بلدنا يا حلوه” و “صورة” و “ناصر” يا حريه” و ” يا أهلا بالمعارك “.
بدأ صلاح جاهين حياته العملية في جريدة بنت النيل، ثم جريدة التحرير، وفي هذه الفترة أصدر أول ديوان له بعنوان “كلمة” سلام ” عام 1955، وفي منتصف الخمسينيات بدأت شهرته كرسام كاريكاتير فى مجلة روز اليوسف، ثم في مجلة صباح الخير الذي شارك في تأسيسها عام 1957
اشتهر جاهين بشخصياته الكاريكاتورية ، وكانت لرسوم صلاح جاهين الكاريكاتورية ردود فعل مختلفة تجاهها، وتسببت رسوماته أكثر من مرة فى أزمات سياسية عديدة كان من أبرزها اختلافه مع الشيخ الغزالي عام 1962، كما أجرى معه المدعى العام الاشتراكي تحقيقاً بسبب كاريكاتيرا انتقد فيه تقريراً حول نتيجة التحقيق في شأن تلوث مياه القاهرة، تعرض صلاح جاهين لدخول المعتقل، ووضع اسمه على رأس قائمة المعتقلين أكثر من مرة – نظراً لما يعرف عنه من ميول يسارية، لولا تدخل الرئيس جمال عبد الناصر وحذف اسمه خمس مرات من قائمة المعتقلات.
ومن أعماله موال عشان القنال ” عام 1957، وفى نفس العام كتب أوبريت ” اليلة الكبيرة”، ثم “الرباعيات ” عام 1963 ، وأصدر ديوانه قصاقيص ورق ” عام 1965. أما عن المسرح فقدم العديد من المسرحيات مثل “القاهرة في ألف عام”، وكتب الأغاني والأشعار للعديد من المسرحيات مثل “إيزيس”، و”الحرافيش”، ولم يتوقف إنتاج عند الأعمال المحلية، بل قام بالترجمة والإعداد مسرحياً لبعض المسرحيات الأجنبية مثل “الإنسان الطيب”، “دائرة الطباشير القوقازية”، وعمل مسرحيات للأطفال منها “الفيل النونو الغلباوي”، “الشاطر حسن”، “صحصص لما ينجص “، حمار شهاب الدين”، والعديد من الأغاني والصور الغنائية للأطفال، وعن الاذاعة فقدم الأغاني والأشعار للعديد من الأعمال الإذاعية مثل أغاني مسلسل “رصاصة في القلب”.
تولي جاهين من أكتوبر عام 1966 حتى يوم الخامس من يونيو 1967 رئاسة تحرير مجلة صباح الخير، وفي هذه الفترة ارتفع توزيع مجلة صباح الخير خلال ترأسه لها من 26 ألف نسخة في مصر وخمسة عشر ألف نسخة في البلدان العربية و عواصم أوروبا وأمريكا الشمالية وعواصم دول أمريكا اللاتينية، إلى خمسين ألف نسخة، وفي خارج مصر إلى عشرين ألف نسخة.
كانت لهزيمة 1967 عظيم الأثر على نفس جاهين، فأصيب بالاكتئاب وخاصة لفقدان البطل الذي عشقه وهو عبد الناصر في 28 سبتمبر عام 1970، وخلال هذه الفترة توقف عن كتابة الأغانى الوطنية، وعن حبه لعبد الناصر يقول: “أنا وقعت تحت مغناطيسية الكاريزما الموجودة في شخصية عبد الناصر، ولكنى تعلمت أن انظر إليه بموضوعية ..”.
ثم استعاد توازنه وكتب من وحي حرب الاستنزاف الدرس انتهى” بعد الهجوم الإسرائيلي على مدرسة بحر البقر، و عناوين جرانين المستقبل” إثر الهجوم الإسرائيلي على مصنع أبو زعبل. ثم توقف عن الكتابة فترة طويلة كتب بعدها ” المصريين أهمه” وكانت آخر أعماله الوطنية، طرق صلاح جاهين باب السينما والتلفزيون ولم ينتظر حتى تقتص له الأبواب فقد كانت مفاتيحهما في يده لينطلق بنا في العالم الدراما الغنائية، والاستعراضية. فقدم للسينما سيناريوهات أفلام “خلى بالك من زوزو”، “أميرة حبى أنا”، “عودة الأبن الضال”، و “شفيقة ومتولى” ” المتوحشة ” .
أما التليفزيون فقدم له سيناريو وحوار مسلسل “هو” وهى”، وفوازير “الخاطبة” و “عروستي” للفنانة الاستعراضية نيللي، واستعراض “الأسانسير”، “هاشم وروحية”، وغيرهم الكثير، وقام صلاح جاهين بالتمثيل في بعض الأفلام مثل “جميلة بوحريد”، “اللص والكلاب” شهيدة العشق الإلهى”، “لا وقت للحب”، وآخرها ” إلى البك”. ولكنه لم يكمل في هذا المجال. وعن أدواره فى السينما يقول: “كل الأدوار اللي عرضت على كانوا بيختاروني عشان وزنى فقط ، أنا دخلت مجال التمثيل من باب الفضول”…
ولا أروع
دائما تاتي بروائع عن اساطير الفن المصري
أستاذه سحرعبدالفتاح
ومن إبداع إلى اخر تزداد شهيتنا ونترقب المذيد
تحياتي لحضرتك
والقائمين
والفريق الإعداد
أرق تحياتي لحضراتكم
تحياتي لحضرتك
والقائمين
والفريق الإعداد
أرق تحياتي لحضراتكم