منوعات

إن الله يأمركم أن تردوا الأمانات إلي أهلها 

جريدة مصر الساعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : السبت الموافق 31 أغسطس 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، ينبغي علينا أن نعود نفهم الآية الكريمة فهما صحيحا، في سورة التحريم ” ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين” ويقول ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية ” فخانتهما” قال ما زنتا، أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه، فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به حتى يبطشوا به.

وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء فكانت لها علامة بالليل والنهار، فالليل تشعل النار، والنهار ترسل الدخان ليعلم القوم أن لدى لوط عليه السلام أضياف، وقال الضحاك عن ابن عباس ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين، ثم يأتي الحديث النبوي الشريف ليبين كيف تنزع الأمانة من قلوب الرجال آخر الزمان، وكيف يؤول الأمر بالرّجل الأمين حتى يصير خائنا بعد أن كان أمينا نتيجة لإرتكابه السيئات الموبقة لحسناته والمنقصة من مستوى إيمانه، وثمرة من ثمار معاشرة الخائنين وملازمتهم فإن القرين بالمقارن يقتدي، وإن من الأمانة هو رد الودائع ولقد أمر رب العالمين في كتابه الكريم بردّ الودائع إلى أهلها فقال تعالى ” إن الله يأمركم أن تردوا الأمانات إلي أهلها”

وجاء في سبب نزول الآية الكريمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت، فطاف به، فلما قضى طوافه، دعا عثمان بن طلحة، ليأخذ منه المفتاح فاختبأ عثمان فوق الكعبة، فتبعه الإمام علىّ بن أبي طالب وأخذ منه المفتاح عنوة، وفتح الباب، فدخل رسول الله صلي الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين، فقام إليه العباس، ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أين عثمان بن طلحة؟” فدعي له، فأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم عليّا أن يرد المفتاح إلى عثمان بن طلحة ويعتذر إليه، ففعل ذلك عليّ، فقال له “هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء ” فقال له عثمان يا عليّ أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق؟

فقال لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقرأ عليه هذه الآية الكريمة، وتكريما لشأن عثمان والمفتاح والأمانة، خصه صلى الله عليه وسلم وذريته من بعده بسدانة البيت والمفتاح فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم ” خذوها يا بني طلحه خالده تالده لا ينزعنها منكم إلا ظالم” ويقصد حجابة الكعبة، ولما مات عثمان بن أبي طلحه أعطاه لإبنه شيبه ومازال المفتاح حتى يومنا هذا في بني شيبة، فاللهم اغفر لنا ذنوبنا ووسع لنا في دورنا، وبارك لنا فيما رزقتنا، اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت، اللهم إنا نعوذ بك من الهرم والتردي والهدم والغم، والغرق والحرق، ونعوذ بك من أن يتخبطنا الشيطان عند الموت، اللهم باعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم ارزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، اللهم إنا نعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، ونعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى