أحمد عمار الشطوري يكتب: ورثة الأنبياء.. رسالة لا تنطفئ

أحمد عمار الشطوري يكتب: ورثة الأنبياء.. رسالة لا تنطفئ
في كل أمة من الأمم هناك رجال يقفون في الصف الأول دفاعًا عن هويتها وبناء وعيها، يزرعون القيم ويضيئون الدروب، ويخوضون معركة الوعي ضد الجهل والظلام. هؤلاء هم المعلمون، ورثة الأنبياء بحق، وحملة مشاعل النور الذين اختاروا أن يحملوا أمانة ثقيلة عنوانها: بناء الإنسان.
المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو صانع أجيال ومهندس عقول. فهو الذي يزرع في العقول بذور المعرفة، وفي القلوب فضائل الأخلاق، ليخرج للمجتمع مواطنًا صالحًا، يدرك معنى الانتماء وقيمة العمل، ويعي مسؤولياته تجاه وطنه.
ورغم أن رسالة التعليم هي الأسمى، فإن واقع المعلمين كثيرًا ما يكشف عن ظلم بيّن. فالمجتمع الذي يرفع الشعارات في تقديرهم، سرعان ما يغفل عن حقوقهم المادية والمعنوية. ينظر إليهم البعض بعين التقليل، بينما الحقيقة أن كل مهنة، وكل إنجاز، وكل نهضة، تبدأ من معلم يقف في الفصل، يشرح، ويغرس، ويوجه.
قد يحرم المعلم من التقدير الذي يستحقه، لكن عطاءه لا يتوقف. لأنه يؤمن أن أجره الحقيقي عند الله، وأن ما يقدمه من علم ورسالة يتجاوز حدود الزمن. فكم من أجيال صنعتها يد معلّم صبور، وكم من قادة ومفكرين وعلماء كان المعلم أول من وضعهم على بداية الطريق.
إننا حين نتحدث عن النهضة، علينا أن نبدأ من هنا: من المعلم. فلا نهضة بلا تعليم، ولا تعليم بلا معلم، ولا معلم بلا مكانة حقيقية تحفظ كرامته وترد له اعتباره.
المعلمون ليسوا مجرد موظفين في مؤسسة تعليمية، بل هم ركيزة بناء الأمم وحماة الهوية وصناع المستقبل. وإن كان المجتمع قد قصّر في حقهم، فإن التاريخ لا ينسى، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
فلنرفع القبعة احترامًا وتقديرًا، ولنردد بصوت واحد: تحية إجلال لكل معلم شريف، يقلم أظافر الجهل، ويزرع في العقول نور العلم، وفي النفوس بذور الفضيلة. إنهم ورثة الأنبياء بحق، والنبراس الذي لن ينطفئ نوره مهما تعاقبت الأزمنة.